أخبار المنطقةأخبار عالميةإختيار المحررتقاريرشبكات بلوكتشينشركاتمساحة رأيمشاريع ناشئةويب 3.0

السياحة في عالم الميتافيرس: ثورة جديدة.. تحديّات يقابلها التطوّر والعكس!

يشير مفهوم الميتافيرس-Metaverse بمعناه العام إلى العالم الافتراضي القائم على التفاعل. ويمكن أن يتخذ هذا العالم وهذه التفاعلات أشكالًا عدة من تجارب الواقع الافتراضي، حيث يخوض المستخدمين تجاربهم في بيئة رقمية بالكامل، تدمج الواقع المعزز في العالم الحقيقي.

إحدى حالات الإستخدام الأكثر انتشارًا اليوم هي “السياحة في مجال الميتافيرس” والتي أصبحت تثير الجدل في الآونة الأخيرة إذ أن هناك شركاتٍ سياحية عدة أيضًا بدأت باكتشاف الفرص المختلفة التي يوفرها مجال الميتافيرس للوصول إلى العملاء ولتطوير مجال السياحة. وقد أدى ذلك إلى اعتبار الميتافيرس أحد الاتجاهات السياحية الناشئة ومن المحتمل أن يلعب دورًا أكبر في مجال السياحة، مما يعزز الاتصال والاكتشاف وتجارب العملاء.

تحديّات يقابلها التطوّر!

ما بعد جائحة كورونا COVID-19، أثبتت تلك الآونة إحدى الظواهر التي يمكن أن تشلّ قطاع السياحة عالميًّا، وبرزت حاجة الشركات السياحية التي واجهت صعوبات مادية على مدى عامين تقريبًا جرّاء الإقفال لبديل وإن كان حلّاً خياليًّا. وعلى سبيل المثال، مع زيادة الوعي لخطورة تغيّر المناخ عالميًّا، ومع الحاجة إلى مزيد من الإجراءات، أصبح من الممكن أن يركز العملاء على السفر المحلي بدلاً من السفر الدولي حول العالم، فماذا عن حلول السّفر والسّياحة عبر الميتافيرس؟!

تؤدّي نقاط الضعف هذه إلى تسليط الضوء على واحدة من أهم الطرق التي يساعد بها مفهوم “السياحة في الميتافيرس” في تغيير وانتشال هذا المجال من تحدياته في الآونة الأخيرة. ويمكن أن تساعد فكرة العالم الافتراضي التفاعلي لتحل مكان بعض حالات السفر البدني، وذلك دون الإضرار بالمجال السياحي في العالم الحقيقي.

ثورة “السياحة في الميتافيرس”: الفوائد

يخلق الجدل والاختلاف اليوم بين الشركات الداعمة والمشجعة للسياحة عبر الميتافيرس وتلك التي تقف ضد هذا الدمج ما بين المجالين خوفًا من ضعف السياحة في العالم الحقيقي مقابل السياحة في الميتافيرس. لكن من المهم جدًا فهم الطرق والفوائد الملموسة التي تساعد بها السياحة في الميتافيرس لتنعكس إيجابيًّا في تطوير المجال السياحي في العالم الواقعي وخاصّةً من قبل أصحاب الأعمال السياحية وغيرهم من صانعي القرار في قطاع السياحة. ومن بعض الفوائد لهذه الثورة التي يمكن تسميتها أيضًا “التكنولوجيا السياحية” وأبرزها أنه عبر الميتافيرس يمكن أن توفر جولات الواقع الافتراضي بالفعل تجارب واقعية، حيث يمكن للناس الاستمتاع باستكشاف مناطق الجذب السياحي من منازلهم المريحة.

نقطة بارزة كذلك هو أنه يمكن تحضير السياح افتراضيًا للتجربة التي يمكن أن يقوموا بها في العالم الحقيقي. إذ يمكن لتجارب الواقع الافتراضي التفاعلي أن تعطي نظرة عامة للسائح عن بيئات العالم السياحية وكيف يمكن أن تبدو حقيقةً وتزويد المسافرين بفكرة واضحة عما قد يتوقعونه عندما يزورون وجهة معينة. والأهم هنا أنهيمكن تطبيق المفهوم ذاته في الميتافيرس أيضًا على الفنادق ووسائل النقل، حيث تساعد تجارب الواقع الافتراضي الضيوف على معرفة الأماكن التي سيقومون بحجزها وكذلك تقدير المدة المناسبة التي يجب أن تستغرقها الرحلة مثلًا. هذا يعني أن الميتافيرس يمكن أن يساعد في تشجيع السياح على إتمام نشاطهم السياحي في العالم الحقيقي أم لا وذلك بحسب تجربتهم في العالم الافتراضي.

إضافةً إلى ذلك، إن حلول السياحة في الميتافيرس توفر معلومات قيمة للعميل لا يمكن تقديمها له بدقةٍ أعلى بطرق أخرى. وهذا يزيد من احتمالية أن يكمل العميل عملية الحجز الخاصة به، بدلاً من التراجع. ويمكن للفنادق استخدام جولات الواقع الافتراضي أو الصور الرقمية للسماح للعملاء بالتجول فعليًا ضمن منشآتهم، والتعرف على حجم الغرف مثلًا، أو المرافق المعروضة وبذلك يمكن تزويد العميل عبر الميتافيرس بتجربة كاملة لموقع يرغب في السفر إليه في العالم الواقعي. وهذا ساعد في تقوية السياحة في العالم الحقيقي بدلًا من إضعافها.

بذلك تصبح التجربة الفعلية لحجز الفنادق والطاولات والمطاعم والخدمات المماثلة الأخرى أكثر متعة وغنى بالمعلومات وتصبح السياحة عبر الميتافيرس أداةً للتأثير إيجابيًا على قرارات السياح.

اقتصاديًا، السّياحة عبر الميتافيرس تتيح إمكانية السّفر للأفراد الّذين لا يمتلكون الموارد الماديّة ولا تتوفّر أمامهم الفرص لتجربة السياحة عبر الميتافرس لهذا السبب. لذا، الكلفة المنخفضة لتجربة السّياحة عبر الميتافيرس تسهّل الآلية اقتصاديًا على العملاء. كما يسهل عالم الميتافيرس زيارة الأماكن التي يصعب زيارتها في العالم الحقيقي، كالبيت الأبيض مثلًا أو مثلّث بيرمودا!

عامل آخر إيجابي وغاية في الأهمية تضيفه “السياحة في عالم الميتافيرس” إلى القطاع السّياحي وهو عدم حصر المواسم السياحية في فصول محدّدة كالصيف أو الربيع مثلًا. ففي عالم الميتافيرس يمكن للعملاء زيارة العوالم السياحية في أيّ وقتٍ أو فصل وتحت أي ظرف. وهذا يقلّل من ارتباط تدفّق السيّاح بحسب المواسم السياحية ولا يقيّد النشاط السياحي بموسم أو فصل أو وقتٍ معيّن.

ماذا عن فوائد تقنية البلوكتشين في مجال السياحة والسفر؟

إضافةً إلى الميتافيرس من ضمن التقنيات المستجدة التي دخلت كافة القطاعات في حياتنا اليومية، تقنية البلوكتشين التي لديها استخدامات لا حدود لها في مجال السياحة والسفر وليس فقط في مجال التمويل. وتتعدد الطرق التي يمكن أن تُستَخدم من خلالها تقنية البلوكتشين في مجال السياحة والسفر فقد ظهرت بالفعل بعض التطبيقات ذات التأثير التحويلي. أول هذه الفوائد هي توفّر خدمات الدفع السياحية الآمنة، سواء تمت بالعملة الرقمية أو النقدية وتتم ببساطة عبر تقنية البيانات الموزعة العالمية الدقيقة والآمنة، وهذا يساعد أيضًأ في تبسيط آلية المدفوعات المصرفية وتقليل التكاليف المرتبطة بالفنادق.

إضافةً إلى ذلك، تساعد تقنية البلوكتشين على تحديد هوية السيّاح. على سبيل المثال، يُطلب من الركاب تقديم بطاقات هوياتهم في الكثير من المحطات خلال رحلتهم، بالمقابل يوفر اعتماد تقنية البلوك تشين في السياحة والسفر قاعدة بيانات رقمية مشتركة كبصمة إصبع خاصة بكل راكب مثلًا للتحقق بسرعة وبسلاسة من هوياتهم، مما يحسن جودة تجربة السفر ويقلّل أوقات الانتظار.

ويمكن لتقنية البلوك تشين أيضًا تعزيز جودة برامج الولاء من خلال تبسيط العملية، مما يسهل على العملاء الوصول إلى نقاطهم واستردادها. فمع هذه التقنية يمكن توزيع المكافآت من خلال الممثلات الرقمية التي يمكن استخدامها في أي مكان وفي أي وقت، كما يمكن أن تقلل من الاحتيال في آليات برامج الولاء.

عمليًّا، تساعد تقنية البلوك تشين أيضًا في عملية تتبع الأمتعة. فعادةً، تتغير أماكن أمتعة المسافر عدة مرات على مدار الرحلة، مما قد يؤدي إلى مشاكل لوجستية كفقدانها أو نسيانها أو حتى سرقتها. لذا تمكن الطبيعة اللامركزية لـشبكة البلوكتشين الشركات من مشاركة البيانات الخاصة بالأمتعة والتدقيق بها بسهولةٍ تامة.

“السياحة في الميتافيرس”: تؤثّر إيجابًا على قطاعاتٍ أخرى

تؤثّر السياحة في عالم الميتافيرس إيجابًا على قطاعات أخرى وتخدم على وجه الخصوص الطّابع الثقافي والتاريخي لأي نشاط سياحي أو بلد حول العالم. من خلال مقاطع الفيديو التفاعلية عبر الميتافيرس أو الفعاليات والنشاطات الإفتراضية التي يشارك بها السّائح، فيتعرّف بذلك على عادات وتقاليد وثقافات البلاد وشعوبها وهوياتها الثقافية.

وفي مجالاتٍ أخرى، يمكن لشركات التّأمين السّياحي وغيرها أن تروّج لأعمالها بشكلٍ ممتاز عبر الميتافيرس والمساحات التفاعلية التي يوفّرها فتشكّل بذلك معلمًا إعلانيًا ملائمًا للبيئة التقنية للقطاع السياحي ككلّ. هذا وتكثّف عمليات شراء العقارات في الميتافيرس من قبل شركات السياحة مما يطور القطاع العقاري الافتراضي.

معالم وشركات سياحية عالمية أصبحت في عالم الميتافيرس!

يجري الحديث مؤخّرًا عن جزيرةٍ افتراضية في الميتافيرس تضم أغلب المعالم الأكثر زيارة في العالم والتي يمكن أن ترحب بالسياح لزيارة تلك المعالم وبتكلفة أقل من €2 يورو!

«VR City» وهي جزيرة افتراضية في عالم الميتافيرس يحكى أنها ستكون موطنًا يجمع أغلب المعالم السياحية العالمية شهيرة، بما في ذلك شلالات نياجرا وسور الصين العظيم وتاج محل وبرج إيفل وغيرها الكثير.

هذا ولا بد من الإشارة إلى أن العديد من شركات السفر الضخمة والعالمية مثل “Delta Air Lines” و”Hilton Worldwide Holdings” و”Qatar Airways” تشعّبت أيضًا نحو السياحة والسفر في الميتافيرس، وكذلك توفر المنتجعات السياحية العالمية مثل ديزني لاند -Disneyland مناطق جذب نحو تجربة السياحة في الواقع الافتراضي للعائلات.

كما تمّ تجربة رحلات الواقع الافتراضي في رحلات السفاري في دولة كينيا، وأنشطة الغطس في جزر المالديف، والرحلات عبر ساحل بحر البلطيق في ألمانيا. كل هذه التجارب قدّمتها شركات السّفر والسياحة التي كانت متعطّشة للعملاء لحشد الأعمال والنشاط السياحي والسبب الرئيسي لهذا الدمج هو تضرّر أعمال هذه الشركات بسبب الأوبئة كجائحة كورونا.

كما كلّ التطورات التي شهدناها في عالمنا هذا، لكلّ تقنية أو مجال تكنولوجي فوائدٌ وأضرار وذلك يعود لكيفية تجربة واعتماد هذه التقنيات. الميتافيرس وتحديدًا السياحة عبر الميتافيرس من أبرز الثورات التكنولوجية الحالية، ورغم أنها تمتلك جانبًا آخر مقابل لإيجابياتها، بحيث تبعد الأفراد والسّياح عن العالم الواقعي والحقيقي وبالتالي عن التجارب الواقعية والتفاعل المباشر الحقيقي وليس الافتراضي، لكن للمرء حرية الاختيار في نهاية المطاف للتجربة التي يريد أن يخوضها والتي تناسبه، أي إما السياحة في العالم الحقيقي أو في عالم الميتافيرس أو حتى الخيارين!

 فهل ستكون “السياحة عبر الميتافيرس” إذًا الوجه المستقبلي التكنولوجي المساعد والمكمّل للسياحة في العالم الواقعي أم أنّها ستؤثّر عليها بشكلٍ سلبي؟ وهل سيشهد قطاع “السياحة عبر الميتافيرس” إقبالًا كثيفًا من السيّاح حول العالم أم لا؟

غوى أسعد

غوى أسعد، صحافية ومحررة باللغة العربية في موقع "أنلوك بلوكتشين"، حازت على شهادة جامعية باختصاص "الصحافة وعلوم الإعلام" من الجامعة اللبنانية- كلية الإعلام، مهتمة بمعرفة المزيد وبالكتابة الصحفية المتخصصة عن تقنية "البلوكتشين" والعملات الرقمية وكل التقنيات المستجدة المرتبطة بهذا المجال. عملت سابقًا في مؤسسات إعلامية لبنانية. تتخصص الآن في مجال الصحافة، مهنيًّا وأكاديميًّا، تحضيرًا لنيل شهادة الماجستير في الصحافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى