مرشح ترامب لرئاسة CFTC يتعهد بتحويل أميركا إلى “عاصمة العملات الرقمية العالمية”

يستعد “مايكل سيليغ”، مرشح الرئيس دونالد ترامب لرئاسة لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC)، للتصويت عليه في مجلس الشيوخ، وذلك في وقت تشهد فيه اللجنة تغييرات تنظيمية جوهرية، من إلغاء قواعد “التسليم الفعلي” إلى السماح بتداول العملات الرقمية الفورية في بورصات العقود الآجلة، إضافةً إلى اختبار ضمانات الأصول المرجّحة بالمخاطر.
وبحسب مصادر داخل الكونغرس، سيخضع سيليغ لتصويت كامل في مجلس الشيوخ للتصديق على تعيينه في وقت مبكر من بعد ظهر اليوم، بعد أن حصل الشهر الماضي على موافقة اللجنة المعنية بأغلبية 12 صوتًا مقابل 11، وفقًا للانتماءات الحزبية للأعضاء. ويأتي هذا التصويت في لحظة حرجة، إذ تستعد اللجنة لتوسيع صلاحياتها التنظيمية على أسواق الأصول الرقمية، رغم أنها تعمل منذ سبتمبر بمفوض واحد فقط، وهو ما وصفه مراقبون بأنه يضع اللجنة تحت “قيود قيادية غير مسبوقة”.
وخلال جلسة الاستماع الخاصة بتأكيد تعيينه في نوفمبر، عبّر أعضاء في مجلس الشيوخ عن مخاوفهم بشأن قدرة الهيئة، التي تضم 543 موظفًا، على إدارة مسؤوليات الإشراف الموسّعة على العملات الرقمية التي يستعد الكونغرس لمنحها إياها عبر تشريعات معلّقة، من أبرزها قانون CLARITY، وذلك وفقًا لمحاضر الجلسات.
وقد أعلن سيليغ، وهو يشغل حاليًا منصب كبير المستشارين القانونيين لفريق عمل العملات الرقمية في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، خلال جلسة الاستماع أنه يهدف إلى جعل الولايات المتحدة “عاصمة العملات الرقمية في العالم”، عبر بناء أطر تنظيمية تدعم الابتكار وتحافظ في الوقت نفسه على ضمانات السوق التقليدية في البنى الجديدة للتداول.
وفي سياق موازٍ، كشفت القائمة بأعمال رئيسة الهيئة، كارولين فام، يوم الثلاثاء، أن اللجنة ستسحب توجيهاتها لعام 2020 الخاصة بـ”التسليم الفعلي” للأصول الافتراضية، ما يعني إلغاء متطلبات كانت تفرض الاحتفاظ بالأصول لمدة 28 يومًا. وكان هذا الإطار قد صنّف الأصول الرقمية كفئة تنظيمية منفصلة عن السلع التقليدية.
ويُتيح هذا السحب إخضاع البيتكوين والإيثيريوم وغيرها من الأصول الرقمية لإطار تنظيمي عام ومحايد تكنولوجيًا، الأمر الذي يُخفف الأعباء على منصات التداول الساعية لإدراج منتجات رقمية جديدة، وفقًا لبيان الهيئة. ويأتي ذلك بعد منح اللجنة ترخيصًا تاريخيًا لتداول العملات الرقمية الفورية عبر بورصات عقود آجلة خاضعة للمعايير الفيدرالية، ما يسمح للمستثمرين بالشراء والبيع المباشر ضمن منظومة تنظيمية قائمة منذ نحو قرن.
وفي إطار تعزيز الرقابة، تواصل لجنة تداول السلع الآجلة تنفيذ مبادرة “كريبتو سبرينت” عبر برنامج تجريبي يبدأ في 8 ديسمبر، يسمح باستخدام البيتكوين والإيثيريوم وUSDC كضمانات في أسواق المشتقات، بحسب وثائق اللجنة. ويُلزم البرنامج، الممتد لثلاثة أشهر، وسطاء العقود الآجلة بتقديم تقارير أسبوعية عن حيازاتهم، مما يمنح الجهة التنظيمية رؤية لحظية لأداء الأصول المُمثلة رقمياً تحت ظروف مراقبة دقيقة.
كما أصدرت الهيئة توجيهات جديدة تسمح بتقييم الأصول الحقيقية المُمثّلة رقمياً، مثل سندات الخزانة الأميركية وصناديق سوق المال، ضمن الأطر التنظيمية المعتمدة. ومنحت كذلك إعفاءات مؤقتة للشركات التي تسعى لقبول بعض الأصول الرقمية غير المصنفة كأوراق مالية كهامش للعملاء، بهدف معالجة مخاطر الحفظ والفصل والتقييم والتشغيل.
ويأتي ترشيح سيليغ بعد أن سحب ترامب مرشحه الأول، المفوض السابق برايان كوينتنز، الذي انتهى ترشيحه في سبتمبر بعد اعتراضات من مؤسسي منصة جيميني، التوأمين كاميرون وتايلر وينكلفوس، وفق تقارير إعلامية. وقد درس البيت الأبيض عدة بدائل، من بينهم المسؤول السابق في اللجنة جوش ستيرلينغ ومستشار وزارة الخزانة تايلر ويليامز، قبل اختيار سيليغ الذي يتمتع بخبرة سابقة في تقديم الاستشارات للعملاء في قطاع البلوك تشين والعمل على سياسات الأصول الرقمية تحت قيادة الرئيس السابق للهيئة جيه كريستوفر جيانكارلو.
هذا وتعمل اللجنة حاليًا ضمن قيادة محدودة، خاصة منذ استقالة رئيسها روستين بهنام في يناير بعد إشرافه على تسوية تاريخية بقيمة 4.3 مليار دولار مع منصة بينانس. أما المفوضة كريستين جونسون فغادرت منصبها في سبتمبر، بينما أعلنت كارولين فام نيتها ترك منصبها للانتقال إلى “مون باي” بمجرد تعيين بديل لها، مما ترك اللجنة المكوّنة من خمسة أعضاء تعمل بأقل عدد ممكن من المفوضين.
وقد أدى هذا الفراغ القيادي إلى إبطاء التنسيق مع الكونغرس بشأن تشريعات من شأنها منح اللجنة الإشراف الرئيسي على أسواق العملات الرقمية الفورية، وذلك استنادًا إلى الأطر المحددة في تقرير فريق عمل الرئيس المعني بأسواق الأصول الرقمية، وفق محللين متخصصين.
وفي ظل هذه التطورات، قال جلين طومسون، رئيس لجنة الزراعة في مجلس النواب، إنّه يتوقع مصادقة مجلس الشيوخ على تعيين سيليغ قريبًا، مشيرًا إلى أنه يخطط لدعوته مطلع العام المقبل لمناقشة جدول أعمال أول عملية إعادة ترخيص للوكالة منذ أكثر من عقد، وذلك وفقًا لبيان اللجنة.



