بيتكوين تهوي إلى ما دون 86,500 دولار وتفقد مليارات من قيمتها

واجهت عملة البيتكوين عطلة نهاية أسبوع مضطربة أخرى، إذ أدى انخفاض مفاجئ يوم الأحد إلى خسارة مليارات الدولارات من سوق الأصول الرقمية، كما أعاد طرح تساؤلات حول قدرة العملة على الصمود على المدى القصير.
فقد انزلقت أكبر عملة رقمية في العالم إلى ما دون 86,500 دولار أميركي، مسجّلةً تراجعًا يقترب من 5% خلال ساعات قليلة، وهو ما أشعل موجة واسعة من عمليات التصفية امتدت عبر منظومة الأصول الرقمية بأكملها.
انخفاض سريع وعنيف
طوال معظم عطلة نهاية الأسبوع، استقرت عملة البيتكوين قرب مستوى 91,000 دولار أميركي، إذ بدا أنها تحاول استعادة توازنها بعد شهر نوفمبر الصعب. غير أنه بعد الساعة السابعة مساءً بقليل من يوم الأحد، اشتدت ضغوط البيع بشكلٍ مفاجئ، مما أدى خلال ثلاث ساعات فقط إلى هبوط العملة إلى نحو 87,000 دولار، وهي مستويات شوهدت آخر مرة خلال تراجع منتصف نوفمبر.
وتُظهر بيانات السوق أن أكثر من 180,000 متداول فوجئوا بالانخفاض، إذ تجاوزت قيمة عمليات التصفية 539 مليون دولار أميركي، 90% منها تعود لمراكز شراء. واعتبر المحللون أن ما حدث يندرج ضمن نمطٍ مألوف: تصفية مراكز الرافعة المالية في ظل سيولة ضعيفة ترافق عطلات نهاية الأسبوع.
كما أشار محللون آخرون إلى أن الهبوط لم يكن مدفوعًا بعامل أساسي واحد، بل كان أقرب إلى “تقلبات نهاية الأسبوع” التي ضربت أسواق العملات الرقمية مرارًا طوال العام الجاري.
ضغوط الاقتصاد الكلي تزيد من حدة الألم
وعلى الرغم من غياب محفز مباشر لهذا التراجع، إلا أن عوامل الاقتصاد الكلي لعبت دورًا في زيادة حدته. فقد أدت التقلبات المتصاعدة قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر إلى إبقاء المستثمرين في حالة حذر، خصوصًا مع ارتفاع احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى أكثر من 85% وفق بيانات العقود الآجلة.
ورغم هذا التفاؤل النسبي، يؤكد محللون أن السوق احتسبت بالفعل جانبًا كبيرًا من هذا الخفض المتوقع قبل أشهر. كما ساهمت عوامل أخرى—مثل التضخم الثابت، والمخاوف المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية، والتدفقات الخارجة المستمرة من صناديق البيتكوين المتداولة الفورية في الولايات المتحدة والتي سجّلت 3.5 مليار دولار في نوفمبر وحده—في دفع المستثمرين المؤسسيين لاعتماد موقفٍ أكثر حذرًا.
وقال أحد خبراء الاستراتيجيات: “تتحرك البيتكوين كأصل كلي مرتفع المخاطر. ما تحتاجه هو دفعة سيولة حقيقية، لا مجرد توقعات”.
اضطرابات التمويل اللامركزي تزيد من ضغوط السوق
وزادت حالة الإرباك خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد أن كشف بروتوكول Yearn Finance عن استغلال تعرّضت له مجموعته yETH، حيث نجح المهاجمون في استنزافها ونقل الأموال عبر Tornado Cash. وجاء ذلك عقب اختراق آخر قبل أيام استهدف منصة Upbit الكورية، مما ضاعف من تراجع المعنويات في فترة تُعد أصلًا هشّة بالنسبة للسوق.
وحذر محللون من أن دور Yearn الحيوي كموزّع سيولة عبر منصات مثل Aave وCompound وCurve قد يثير مخاوف بشأن عمليات السحب القسري أو احتمالات انتشار العدوى داخل منظومة التمويل اللامركزي.
أسوأ شهر نوفمبر لبيتكوين منذ عام 2018
جاء هبوط عطلة نهاية الأسبوع ليختتم أضعف أداء شهري للبيتكوين هذا العام. فقد أغلق نوفمبر على انخفاض بلغ 17.5%، وهو أكبر تراجع شهري منذ نوفمبر 2018. ومع ذلك، يرى بعض المتداولين في الموجة الأخيرة من التصفية فرصة لإعادة ضبط ضرورية في السوق.
وقال أحد المحللين: “لم نشهد موجة ارتفاع تقليدية يوم الأحد، وفجوة بورصة شيكاغو التجارية قد سُدّت، كما جرى ضخ مئات الملايين في صفقات الشراء سابقًا”. وأضاف: “هذا النوع من إعادة الضبط عادةً ما يسبق محاولات صعود جديدة”.
مستويات رئيسية تستحق المتابعة
يراقب مراقبو السوق مستوى 87,000 دولار عن كثب، إذ يشكل خط دفاع مهم خلال الأسابيع الماضية. وقد يؤدي كسره بوضوح إلى فتح المجال نحو 80,400 دولار، مع وجود سيولة أكبر قرب 75,000 دولار.
أما في الاتجاه الصعودي، فيرى المحللون أن إشارة داعمة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن تساعد البيتكوين على استعادة نطاق 95,000–100,000 دولار. وتاريخيًا، حققت البيتكوين ارتفاعًا يتراوح بين 10 و15% خلال الأسبوع الذي يلي خفض أسعار الفائدة.
كما برز عامل محتمل آخر، بعدما كشف الرئيس دونالد ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع أنه اختار بالفعل رئيس الاحتياطي الفيدرالي المقبل، مما أعاد إشعال التكهنات حول مسار السياسة النقدية حتى عام 2026.
التوقعات: التقلبات مستمرة
ورغم الهبوط العنيف، يؤكد خبراء السوق أن الهيكل العام لحركة البيتكوين لم يتعرض لضرر كبير. ويصفون ما يحدث بأنه جزء من دورة أوسع لتقليص الديون، لا بداية لانهيار جوهري.
ومع ذلك، ومع استمرار الضبابية في الاقتصاد الكلي وتجدّد المخاطر المرتبطة بالأصول الرقمية، يتوقع المتداولون بقاء التقلب عنصرًا رئيسيًا يميز السوق في الأسابيع المقبلة.




