“سويفت” تعتمد تقنية البلوكتشين عبر دفتر أستاذ جديد يخدم أكثر من 200 دولة
“سويفت”، العمود الفقري للمدفوعات الدولية، تتخذ خطوة حاسمة نحو تبنّي تقنية البلوكتشين. فقد أعلنت الشركة التعاونية البلجيكية عن خططها لدمج سجل رقمي مشترك في بنيتها التحتية، في خطوة تهدف إلى جعل المعاملات العابرة للحدود فورية ومتاحة على مدار الساعة لأكثر من 11,500 مؤسسة مالية حول العالم، وفقًا لما ذكرته صحيفة فاينانشال تايمز.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه سوق العملات المستقرة، الذي تبلغ قيمته 300 مليار دولار وتُهيمن عليه جهات إصدار مثل تيذر وسيركل، جذبًا متزايدًا للمستخدمين بفضل التحويلات المباشرة منخفضة التكلفة التي تتجاوز الوسطاء التقليديين. غير أنّ سيركل، على وجه الخصوص، تسلك مسارًا مختلفًا عبر منصتها Arc، وهي تقنية بلوكتشين موجهة للمؤسسات، تقدم ميزات مثل إمكانية عكس المعاملات. ويثير ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت تسعى للابتعاد عن إطار العملات الرقمية التقليدية لمنافسة سويفت مباشرة.
وفي هذا السياق، ستتعاون سويفت مع كونسينسيس، شركة البلوكتشين التي أسسها جوزيف لوبين، الشريك المؤسس لإيثيريوم، من أجل تطوير نموذج أولي لسجل الحسابات. يهدف هذا النظام إلى تسجيل المعاملات والتحقق منها وتسلسلها لحظيًا، إضافةً إلى تطبيق القواعد عبر العقود الذكية. ومن المرجح أن يعتمد المشروع على شبكة إيثيريوم، نظرًا لارتباط Consensys بها بشكل أساسي.
الأهم من ذلك أن النظام الجديد مصمم للتشغيل البيني، بما يتيح له التواصل مع البنية التحتية المصرفية التقليدية إلى جانب شبكات الأصول الرقمية الناشئة. وقد أكد خافيير بيريز تاسو، الرئيس التنفيذي لشركة سويفت، في مؤتمر سيبوس بفرانكفورت، حيث أُعلن عن المبادرة: “الأمر يتعلق بإنشاء بنية تحتية للمستقبل. نحن نتحرك مع مجتمعنا لتقديم الجيل التالي من المدفوعات الآمنة والمتوافقة مع المعايير والمستمرة”.
يحظى المشروع بالفعل بدعم أكثر من 30 بنكًا رئيسيًا من 16 دولة، من بينها سيتي، وبنك أوف أميركا، ودويتشه بنك، وبي إن بي باريبا، وإتش إس بي سي، وبنك الإمارات دبي الوطني، وبنك أبوظبي الأول، وجي بي مورغان تشيس. وتشارك هذه المؤسسات في تصميم النظام واختباره على مراحل، مع التركيز في البداية على المدفوعات العابرة للحدود على مدار الساعة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار موجة أوسع من الابتكارات في قطاع المدفوعات. ففي الأشهر الأخيرة، أعلنت تسعة بنوك أوروبية، من بينها UniCredit وING وDanske Bank – عن خطط لإطلاق عملة مستقرة مقومة باليورو بحلول عام 2026، فيما أقرّ المشرعون الأميركيون في يوليو لوائح لتنظيم العملات الرقمية المرتبطة بالدولار. وبالتوازي، تُجري مؤسسات عالمية تجارب على أدواتها الرقمية الخاصة، بدءًا من منصة Onyx التابعة لـ JPMorgan Chase وصولًا إلى تجارب Citi في مجال الممثلات الرقمية.
غير أن التحدي أمام سويفت يبقى مزدوجًا: فمن ناحية، يتعين عليها تحديث أنظمة Rails القديمة التي قد تستغرق فيها المعاملات أيامًا وتتطلب وسطاء متعددين، ومن ناحية أخرى الاستعداد لمستقبل تتحول فيه الأموال والأصول إلى ممثلات رقمية بالكامل.
إلى جانب النموذج الأولي لشبكة البلوكتشين، تعمل سويفت أيضًا على تحديث شبكتها الحالية لتوفير “إمكانية تنبؤ كاملة بالسعر والسرعة”، بما يضمن التخلص من الرسوم المخفية وتحقيق التسوية الفورية لمعاملات التجزئة.
وإذا نجحت، فإن دفتر الأستاذ الجديد الذي تطوره سويفت قد يُمثل أحد أهم التحولات في تاريخ المدفوعات العابرة للحدود، عبر دمج الثقة والحجم الهائل الذي راكمته الشركة على مدى عقود مع سرعة وقابلية برمجة تقنية السجلات الموزعة.
