كوريا الجنوبية تتقدم في مسار إصلاحات سوق الأصول الرقمية

تستعد حكومة كوريا الجنوبية لتسريع إصلاحات قطاع الأصول الرقمية الداعمة للأعمال، بما في ذلك تنظيم سوق العملات المستقرة. فقد أفادت صحيفة ميترو سيول الكورية الجنوبية أن اللجنة الرئاسية لشؤون الدولة أعلنت، خلال إحاطة عامة عُقدت في 13 أغسطس، عن خططها في إطار خطة خمسية لإدارة شؤون البلاد، تضمنت 123 مهمة رئيسية.
ومن بين هذه المهام، برزت مبادرتان وُصفتا بأنهما “مهمتان وطنيتان رئيسيتان”، وهما: بناء منظومة أصول رقمية متكاملة وتطوير سوق العملات الرقمية المحلي. ويأتي ذلك في ظل إدارة الرئيس لي جاي ميونغ، الذي تولى السلطة في أوائل يونيو من هذا العام، والذي عبّر مرارًا عن نيته تعزيز قطاع الأصول الرقمية محليًا، مع التركيز على تحرير القيود وتنظيم العملات المستقرة.
ويبدو أن الرئيس حريص على منح الشركات المحلية صلاحية إصدار عملات مستقرة مرتبطة بالوون الكوري، الأمر الذي دفع البنوك وشركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى إلى تسجيل عشرات العلامات التجارية المرتبطة بهذا المجال. كما سارع آخرون إلى طرح خطط أعمال قائمة على الأصول الرقمية، إدراكًا منهم أن هذا التوجه قد يفتح الباب أمام الشركات غير المالية لتطوير منصات دفع متقدمة.
ورغم ذلك، لُوحظ غياب أحد أبرز وعود الرئيس الانتخابية عن الخطة الخمسية، وهو حل هيئة الخدمات المالية (FSC)، وهي أعلى جهة تنظيمية مالية في البلاد. إذ تشرف هذه الهيئة على وحدة الاستخبارات المالية المسؤولة عن مراقبة منصات العملات الرقمية، وإصدار تصاريح التشغيل، وإجراء عمليات التفتيش الميدانية، إضافةً إلى تطبيق بروتوكولات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على منصات التداول.
وعلى الرغم من أن الهيئة كانت في السابق من أشد المنتقدين لقطاع الأصول الرقمية، فإن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا في موقفها، حيث دعمت الإصلاحات التنظيمية مع تراجع حدة التشدد الحكومي تجاه هذا القطاع. ووفقًا للاقتراح السابق، كان من المفترض نقل مهام الإشراف التابعة لها إلى هيئة الرقابة المالية، بينما تُنقل مهام السياسات إلى وزارة الاستراتيجية والمالية. غير أن خطة إلغاء الهيئة أثارت جدلًا واسعًا، حتى بين كبار الوزراء، ويبدو من صياغة الخطة الخمسية أن المقترح قد أُجّل، رغم عدم صدور تأكيد رسمي بالتخلي عنه.
كما لم تتطرق الخطة إلى أي تفاصيل بشأن إعادة هيكلة الإطار التنظيمي، في حين أسندت سبعٌ من المهام الواردة فيها إلى هيئة الخدمات المالية. وأشارت الصحيفة إلى أن إصلاحات الأصول الرقمية تشكّل محور تركيز أساسي لكل من الحكومة والجمعية الوطنية خلال هذا العام، ومن المتوقع أن تكتسب هذه الإصلاحات زخمًا متصاعدًا في الأسابيع المقبلة.
هذا وتعكس هذه التحركات قلق القادة السياسيين من تراجع كوريا الجنوبية عن المنافسة العالمية، حيث توسع سوق الأصول الرقمية العالمي بنسبة 262% خلال العامين الماضيين. ففي حين شهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان نموًا قويًا في الاستثمار المؤسسي بهذا القطاع، لم تحقق سيول النتائج ذاتها بسبب تأخر الإصلاحات ونقص التشريعات، وهو ما انعكس سلبًا على تنافسية السوق المحلية.
وفي هذا الإطار، أعطت هيئة الخدمات المالية الأولوية لخطتها التي تهدف إلى السماح للشركات بشراء وبيع الأصول الرقمية، مع اتباع نهج أكثر مرونة في القوانين واللوائح. وقد سبق أن أعلنت نيتها طرح حزمة تنظيمية شاملة قبل نهاية هذا العام. ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن مصير الهيئة لم يُحسم بعد، وأن النقاش حول إعادة تنظيم الهيئات المالية قد يستمر حتى نهاية العام، مع احتمال استئناف المحادثات بشأن إلغائها مستقبلًا.