“وارن” تحذر من إنهيار النظام المالي نتيجة القوانين الحالية للعملات الرقمية

جددت السيناتور الأميركية “إليزابيث وارن” سعيها لتشديد لوائح تنظيم العملات الرقمية، محذّرة من أن الإطار الحالي يُفسح المجال للفساد والمخاطر الاقتصادية والاستغلال الإجرامي.
وفي مقابلة حديثة مع قناة MSNBC، أوضحت وارن أن الوضع الراهن للوائح تنظيم العملات الرقمية يُهدد بتداعيات خطيرة على النظام المالي الأميركي. ووفقًا لها، فإن الإطار الحالي يُمثّل “هبة ضعيفة” تصبّ في مصلحة القطاع، ويفتقر إلى القيود التي تمنع الفساد وتحمي المستهلكين.
وأضافت: “نحن بحاجة إلى لوائح تنظيمية قوية للعملات الرقمية، وليس إلى هبة تُعرّض اقتصادنا للخطر وتُعزز فساد الرئيس ترامب”.
وأكّدت “وارن”، وهي من أبرز المنتقدين القدامى للقطاع، أن القواعد الفعّالة يجب أن تُقيّد المسؤولين المنتخبين من تداول العملات الرقمية أو التعامل معها، مُكرّرةً انتقاداتها السابقة لعلاقات الرئيس ترامب الوثيقة بالقطاع، واحتمال أن تُفضّل اللوائح مصالحه الخاصة على الضمانات الضرورية.
كما شدّدت على ضرورة فرض قيود تمنع استخدام الإرهابيين وتجار المخدرات لهذه الفئة من الأصول، مضيفةً أن اللوائح يجب أن تُصاغ لأغراض مشروعة فقط. وأوضحت: “نحن بحاجة إلى فرض قيود شاملة للحد من الفساد وجعل العملات الرقمية أكثر أمانًا للتداول”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت بدأت فيه ملامح الوضوح التنظيمي، الذي طال انتظاره في صناعة العملات الرقمية، تتضح أكثر فأكثر. ففي يوليو الماضي، أقرّ مجلس النواب الأميركي ثلاثة مشاريع قوانين تاريخية في هذا المجال، هي: قانون عملة GENIUS المستقرة، وقانون وضوح سوق الأصول الرقمية (CLARITY)، وقانون مراقبة الولايات لمكافحة العملات الرقمية للبنوك المركزية. وقد مثّل ذلك أول جهد منسّق من نوعه لتعزيز الوضوح التنظيمي، بعد تأخيرات سابقة ومعارضة شديدة من بعض المشرعين.
وكانت وارن من بين المعارضين الصريحين لتلك المشاريع في وقت سابق، ووصفتها آنذاك بأنها غير فعّالة. ومع ذلك، فقد أثارت تصريحاتها الأخيرة ردود فعل متباينة في القطاع، إذ اعتبرها البعض خطوة إيجابية لكونها لم تُدن القوانين الجديدة صراحة، بل دعت إلى تحسين صياغتها.
وفي هذا السياق، قال جاستن سلوتر، المستشار السابق لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية والمدير التنفيذي لشركة “بارادايم”، إن اللافت في تصريحات وارن هو إقرارها بضرورة تشريعات للعملات الرقمية، مشيرًا إلى أنها لم تهاجم القوانين التي سُنّت مؤخرًا، بل ركزت على ما تأمل أن تتضمنه القواعد التنظيمية القادمة.
في الوقت نفسه، تتقاطع مخاوف وارن بشأن نفوذ الرئيس ترامب في مجال العملات الرقمية مع آراء منتقدين آخرين يرون أن صلاته بالقطاع تثير شبهة تضارب المصالح. فمنذ بداية ولايته، كان ترامب من أشدّ المدافعين عن تطوير معايير تنظيم العملات الرقمية، معتبرًا ذلك خطوة نحو جعل الولايات المتحدة مركزًا عالميًا للأصول الرقمية.
لكن بالتوازي مع هذا التوجه، نمت علاقاته بمشاريع استثمارية مثل “ميميكوينز” ومبادرات أخرى مثل “وورلد ليبرتي فاينانشال”، وهو ما أثار تساؤلات حول تضارب المصالح المحتمل، خاصة مع تقارير تشير إلى أن دخله من هذه المشاريع تجاوز 57 مليون دولار. ويؤكد النقاد أن هذه الروابط قد تطمس الخط الفاصل بين صنع السياسات والمكاسب الشخصية.
ورغم هذه الاتهامات، نفى المتحدثون باسم الرئيس جميع المزاعم. ونقلت “بلومبرغ” عن ممثل البيت الأبيض، سيث فيلدز، قوله إن ترامب “لم ولن يتورط في أي تضارب مصالح”. كما كرر دونالد ترامب الابن هذا الموقف في مقابلة مع “نيوز نيشن” في يونيو الماضي، مؤكدًا أن والده لا علاقة مباشرة له بهذه الكيانات ولا يستفيد منها ماليًا، قائلاً: “والدي ليس متورطًا في أي من هذه الأمور. لديه ملكية، لكنه لا يمسها. كل ذلك مُحاط بسياج قانوني”.
ومع أن وضع لوائح تنظيمية مناسبة للعملات الرقمية تأخر لسنوات، إلا أن الحاجة المُلِحّة لها باتت واضحة أكثر من أي وقت مضى. ويبقى التحدي الأهم هو تحقيق توازن دقيق بين حماية المستهلكين والنظام المالي، وبين تعزيز الابتكار وضمان الشفافية والإنصاف في هذا القطاع سريع التطور.