الصين تضيّق على العملات المستقرة وهونغ كونغ تتبنى نهجًا تقدميًا

أصدرت الجهات التنظيمية المالية الصينية تعليمات واضحة لشركات الوساطة المحلية ومؤسسات البحث بوقف الترويج للعملات المستقرة، وطلبت منها التوقف عن نشر الدراسات المتعلقة بها وإلغاء أي ندوات أو فعاليات تتناول هذه الفئة من الأصول. ويأتي ذلك على خلفية تزايد المخاوف من استخدامها في المضاربة والاحتيال المالي. ووفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ يوم الجمعة، فقد تم توجيه هذه التعليمات إلى عدد من الشركات الرائدة في أواخر يوليو وأوائل أغسطس 2025.
في السياق ذاته، كثّفت بكين جهودها مؤخرًا للحد من انتشار العملات الرقمية المستقرة المرتبطة بالدولار الأميركي بين الأفراد، رغم اهتمام صانعي السياسات بدراسة دور هذه الأصول في تسهيل التمويل العابر للحدود. وقد أعربت الجهات التنظيمية عن قلقها المتزايد من احتمال تحوّل العملات المستقرة إلى أدوات جديدة لجمع الأموال بطرق غير مشروعة داخل البر الرئيسي الصيني.
تُعرّف العملات المستقرة على أنها عملات رقمية قائمة على تقنية البلوكتشين، تُربط غالبًا بعملات ورقية مثل الدولار الأميركي، وتُدعَم بالنقد أو بأدوات مالية مثل سندات الخزانة قصيرة الأجل. وتُستخدم هذه العملات بشكل شائع في تسوية التداولات داخل أسواق العملات الرقمية، كما يتزايد استخدامها في عمليات التحويل المالي عبر الحدود، وهي حالة استخدام أقرّ بها مسؤولون صينيون في مناسبات سابقة، رغم تحفّظهم العام تجاه هذا القطاع.
وتعزز هذا التوجه التنظيمي الحازم بعد سلسلة من التحذيرات المحلية خلال يوليو الماضي. فقد حذرت السلطات في مدينة شنتشن المواطنين من عمليات احتيال تنطوي على عروض استثمارية مزيفة في العملات المستقرة، ما يعكس تزايد المخاطر المرتبطة بهذا النوع من الأصول ويواكب تصاعد التنبيهات الموجهة للمستهلكين على مستوى البلاد.
في المقابل، سلط مسؤولو البر الرئيسي الضوء على الأهمية المتنامية للعملات الرقمية في المدفوعات العابرة للحدود، حيث أنشأ بنك الشعب الصيني مركزًا دوليًا للعملات الرقمية الإلكترونية (e-CNY) في شنغهاي بهدف توسيع نطاق استخدام اليوان الرقمي، كجزء من جهود استراتيجية لتعزيز دوره عالميًا في مواجهة الدولار.
ورغم الحظر الشامل المفروض على معظم أنشطة العملات الرقمية داخل الصين، إلا أن الوضع يظل غير موحّد تمامًا. إذ تواصل هونغ كونغ، وهي منطقة إدارية خاصة تتبع مبدأ “دولة واحدة ونظامان”، تطوير إطارها التنظيمي الخاص لإصدار العملات المستقرة، في محاولة لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للأصول الرقمية، بعيدًا عن القيود الصارمة المفروضة في البر الرئيسي.
علاوة على ذلك، تُظهر البيانات أن النشاط المرتبط بالعملات الرقمية ما زال نشطًا داخل الصين رغم الحظر. وتشير تقديرات صادرة عن شركة Chainalysis إلى أن حجم تداول العملات الرقمية خارج البورصات المحلية بلغ نحو 75 مليار دولار أميركي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، ما يعكس استمرار الطلب القوي على هذه الأصول.
وعلى النقيض من الموقف الصيني، تتبنى الولايات المتحدة نهجًا أكثر دعمًا للعملات المستقرة على المستوى التنظيمي. ففي الشهر الماضي، وقّع الرئيس دونالد ترامب أول تشريع فيدرالي خاص بهذه العملات، وهو قانون GENIUS، ليصبح نافذًا ويشكل إطارًا قانونيًا شاملًا ينظم إصدار العملات المستقرة وتداولها في السوق الأميركية.