“فيزا” تشير إلى تبنٍ محدود للعملات المستقرة وتطالب بتنظيم أميركي واضح
عالجت شركة “فيزا أكثر من 200 مليون دولار أميركي من تسويات العملات الرقمية المستقرة، إلّا أن عملاق المدفوعات يرى أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولية، وتحتاج إلى أطر تنظيمية أكثر وضوحًا وصرامة قبل أن تشهد توسعًا واسع النطاق.
وقد صرّح الرئيس التنفيذي، “رايان ماكينيرني، يوم الثلاثاء خلال مكالمة أرباح الربع الثاني من عام 2025، قائلًا: “لا يزال الوقت مبكرًا، لكننا نرى إمكانات حقيقية. من ناحية، يُعدّ مبلغ 200 مليون دولار إنجازًا رائعًا، ومن ناحية أخرى، لا يزال هذا الرقم يشكل جزءًا صغيرًا نسبيًا من إجمالي حجم تسوياتنا”.
في سياق آخر، سجلت “فيزا” أداءً ماليًا قويًا خلال الربع نفسه، إذ أعلنت عن إيرادات بلغت 10.17 مليار دولار أميركي، بزيادة نسبتها 14% على أساس سنوي، بينما ارتفع صافي الدخل المعدل إلى 5.83 مليار دولار أميركي، مقارنة بـ 4.91 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق. وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، أغلقت أسهم الشركة عند 351.29 دولارًا أميركيًا بانخفاض قدره 1.18%، ثم تراجعت أكثر في تداولات ما بعد الإغلاق إلى 343.06 دولارًا، أي بانخفاض إضافي بنسبة 2.34%.
وفيما يتعلق بتجاربها التقنية، تعمل فيزا حاليًا على اختبار العملات الرقمية المستقرة من خلال خدمة Visa Direct، مع التركيز بشكل خاص على التحويلات الفورية العابرة للحدود، في الحالات التي تشهد تأخيرًا في التسوية. إلى جانب ذلك، تسعى الشركة إلى تعزيز قابلية البرمجة في عالم التمويل عبر منصتها Visa Tokenized Asset Platform، والتي تهدف إلى “تمكين البنوك من إصدار العملات الرقمية المستقرة واستخدامها في نماذج جديدة من التمويل القابل للبرمجة”، بحسب ما صرّح به ماكينيرني.
وفي إطار التوجه التنظيمي، أعرب ماكينيرني عن تفاؤله بإقرار الحكومة الأميركية لوائح أكثر وضوحًا وواقعية في هذا المجال، موضحًا أن الطموح لا يقتصر على السوق الأميركية وحدها، بل يمتد ليشمل أسواقًا عالمية أخرى.
والجدير بالذكر أن العملات الرقمية المستقرة تُعد أصولًا رقمية غالبًا ما تكون مرتبطة بالدولار الأميركي، مما يجعلها وسيلة فعالة للمدفوعات والتحويلات المالية، مع تقليل التعرض لتقلبات السوق. وتشير التقديرات الحالية إلى أن القيمة السوقية لهذا القطاع تجاوزت 272.25 مليار دولار، وفقًا لمنصة CoinGecko.
من جانبه، صرّح زاخيل سوريش، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة BitSave، لموقع Decrypt، بأن “البيانات تشير إلى أن ما بين 10% و20% فقط من معاملات العملات المستقرة تُستخدم فعليًا في الدفع، بينما يُوظف الباقي لأغراض التداول وتوفير السيولة من قبل منصات الأصول الرقمية.” لكنه أشار أيضًا إلى أن هذه النسبة قد ترتفع لتتجاوز 50% خلال العام المقبل، في حال صدور تشريعات أوضح واعتماد الشركات بشكل أوسع على العملات المستقرة، سواء في المدفوعات العابرة للحدود أو في دفع رواتب الموظفين.
وفي هذا السياق، قامت فيزا بعدة خطوات استراتيجية مهمة، أبرزها الاستثمار في شركة BVNK للبنية التحتية للعملات المستقرة، والتي تتخذ من لندن مقرًا لها، إضافة إلى شراكتها مع Bridge، التابعة لشركة Stripe، لتوفير خدمات العملات الرقمية المستقرة في أميركا اللاتينية.
علّق ماكينيرني قائلًا: “هناك نشاط كبير ونقاشات مكثفة حول مستقبل العملات المستقرة في الوقت الراهن.” ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن هذا القطاع لا يزال ناشئًا مقارنة بحجم عمليات فيزا الحالية.
وفي هذا الصدد، أوضح جاغديش بانديا، مؤسس Blockon Ventures، أن “حجم التداول اليومي لشركة Visa الذي يتراوح بين 5 و7 تريليونات دولار، يفوق بكثير حجم المعاملات اليومية بالعملات الرقمية المستقرة، والذي لا يتجاوز 30 مليار دولار. ومع ذلك، فإن إصدار 250 مليار دولار من هذه العملات يُظهر أن القطاع في مرحلة مشابهة لبدايات التجارة الإلكترونية في أواخر التسعينيات”.
وأضاف بانديا أن ازدياد تنظيم الأصول الرقمية قد يدفع فيزا نحو تبنٍ أوسع النطاق خلال العقد القادم.
ومن جهة أخرى، وفي خطوة تشريعية بارزة، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الشهر على قانون GENIUS، الذي يُعد أول تشريع وطني واسع النطاق ينظم العملات الرقمية في الولايات المتحدة.
وفي تعليقه على هذا التطور، قال سوريش من BitSave: “بينما يُوفر قانون GENIUS وضوحًا تنظيميًا للشركات داخل الولايات المتحدة، فإن على شركات معالجة المدفوعات العالمية مثل فيزا أن تراقب عن كثب التطورات التنظيمية في الدول الأخرى أيضًا”.
