بريطانيا تحذر من مخاطر التبرعات السياسية باستخدام العملات الرقمية

وسط مخاوف متزايدة من استغلال القوى الأجنبية للعملات الرقمية غير القابلة للتتبع للتأثير على السياسة البريطانية، دعا وزير مكتب مجلس الوزراء البريطاني، بات ماكفادن، مسؤولي الانتخابات إلى النظر في حظر التبرعات السياسية المقدمة بالعملات الرقمية.
فقد أوضح ماكفادن، في حديثه أمام أعضاء البرلمان، أن تتبع تبرعات العملات الرقمية يُعد أمرًا بالغ الصعوبة، داعيًا اللجنة الانتخابية إلى مراجعة مدى ملاءمة القواعد الحالية لمواكبة التطورات في العصر الرقمي.
وتأتي تصريحاته في أعقاب إعلان السياسي نايجل فاراج أن حزبه “إصلاح المملكة المتحدة” سيصبح أول مجموعة سياسية بريطانية تقبل تبرعات البيتكوين، في خطوة تُحاكي ما قامت به حملة دونالد ترامب الانتخابية لعام 2024 في الولايات المتحدة.
في هذا السياق، يحذر نشطاء من بينهم منظمة “أضواء على الفساد” من أن هذا النوع من التبرعات قد يفتح الباب أمام تدخلات أجنبية خفية، مما يُقوّض نزاهة العمليات الديمقراطية في البلاد.
وخلال جلسة مشتركة للجنة مجلس العموم واللوردات بشأن الأمن القومي، وجّه النائب العمالي ليام بيرن أسئلة ضاغطة إلى ماكفادن حول هذه القضية، ما دفع الوزير إلى التأكيد على أهمية تعزيز الشفافية وتحديث التشريعات لضمان نزاهة تمويل الحملات السياسية.
إضافةً إلى ذلك، أُثيرت مخاوف بشأن التبرعات المقدمة من “شركات غير محدودة”، وهي كيانات يصعب التدقيق في سجلاتها المالية، مما يُعزز من فرص التلاعب والتأثير الخارجي.
من جهته، وصف بيرن قواعد تمويل الأحزاب الحالية بأنها “ميثاق الكرملين” الذي يُفضل الغموض على الشفافية، داعيًا إلى حظر التبرعات المقدمة بالعملات الرقمية والأموال الأجنبية، إلى جانب تعزيز قدرات التنفيذ القانوني.
وقد اتفق كلٌ من ماكفادن وبيرن على أن تعزيز موارد اللجنة الانتخابية والوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة أمر ضروري لتعزيز الرقابة الفعّالة على تمويل السياسة.
ورغم أن تصريحات ماكفادن تشير إلى انفتاح على تشديد القيود على التبرعات الرقمية، فإن مصادر حكومية أوضحت أن الإصلاحات الانتخابية المرتقبة قد لا تصل إلى حد فرض حظر شامل على هذه التبرعات.
بدلًا من ذلك، يُتوقّع أن تُركّز ورقة الاستراتيجية القادمة على تشديد القواعد العامة المتعلقة بالتدخل الأجنبي، مع توسيع نطاقها لتشمل العملات الرقمية، بالإضافة إلى تعزيز إصلاحات تسجيل الناخبين، مثل خفض سنّ التصويت إلى 16 عامًا، وحماية المرشحين من المضايقات.
ومع ذلك، لا يزال نشطاء الشفافية يخشون من أن تتجنب الحكومة اتخاذ خطوات أكثر صرامة، مثل وضع سقف للتبرعات أو إعادة الصلاحيات الجنائية الكاملة إلى اللجنة الانتخابية.
وفي ظل هذه التطورات، تتزايد الأصوات المطالبة بتشديد عمليات التحقق من مصادر التبرعات، ومن بين هذه الأصوات النائبة مارغريت هودج والمدافع المعروف عن الديمقراطية توم بريك، اللذان شددا على ضرورة حماية الديمقراطية البريطانية من التهديدات الرقمية المعاصرة.
وفي خطوة تنظيمية إضافية، أعلنت المملكة المتحدة أنها ستُلزم شركات العملات الرقمية بجمع معلومات تفصيلية عن عملائها والإبلاغ عنها في كل عملية تداول أو تحويل، وذلك اعتبارًا من 1 يناير 2026، في إطار جهودها لتعزيز الامتثال الضريبي والرقابة في قطاع الأصول الرقمية.
وبحسب بيان صادر عن هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية (HMRC)، تنص القواعد الجديدة على ضرورة تسجيل الأسماء الكاملة، عناوين المنازل، وأرقام التعريف الضريبي لجميع المستخدمين، بالإضافة إلى تفاصيل كل معاملة، مثل نوع العملة الرقمية المستخدمة والمبلغ المحوّل.
ولا تقتصر الالتزامات على المستخدمين الأفراد، بل تمتد لتشمل الشركات، والصناديق الاستئمانية، والجمعيات الخيرية المنخرطة في أنشطة تتعلق بالعملات الرقمية، ما يُعد خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والرقابة على هذا القطاع المتنامي.