هونغ كونغ تمضي قدمًا نحو تنظيم العملات المستقرة

أعلنت الجهات التنظيمية في هونغ كونغ أنها تلقت “عددًا من الطلبات” من كيانات تسعى للحصول على تراخيص لإصدار عملات مستقرة في المدينة، ومن المتوقع أن تبدأ عملية منح هذه التراخيص خلال الأشهر المقبلة. جاء ذلك على لسان وزير المالية في هونغ كونغ، “بول تشان مو-بو”، في مقابلة مع صحيفة “تشاينا ديلي”.
وفي إطار سعيها لتعزيز مكانتها كأحد أوائل المراكز العالمية لتنظيم الأصول الرقمية، اتخذت هونغ كونغ خطوة متقدمة نحو تطوير عملات مستقرة مرتبطة بالعملات الورقية، يُتوقّع إطلاقها في وقت لاحق من هذا العام. كما أشار تشان إلى إمكانية إصدار عملات مستقرة مستقبلية مدعومة بأصول حقيقية يمكن أن تسهم في دعم الاقتصاد الفعلي، مستعرضًا بذلك تطور المدينة في ظل الإدارة الحالية خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويأتي هذا التوجه عقب مصادقة المجلس التشريعي على مشروع قانون تنظيم العملات المستقرة في مايو الماضي، مما يُرسّخ مكانة هونغ كونغ كواحدة من أوائل الولايات القضائية عالميًا التي تقنن استخدام هذه الفئة من الأصول الرقمية.
وبموجب هذا القانون، الذي سيدخل حيّز التنفيذ في الأول من أغسطس، يُلزم أي فرد أو جهة تُصدر عملات مستقرة مدعومة بالعملات الورقية داخل هونغ كونغ، أو أولئك الذين يدّعون ربط عملاتهم بالدولار الهونغ كونغي حتى لو تم إصدارها خارج المدينة، بالحصول على ترخيص من هيئة النقد.
وفي هذا السياق، أعربت العديد من الشركات، المحلية والدولية، عن نيتها التقدم بطلبات للحصول على هذه التراخيص. ومن بين هذه الجهات شركات التكنولوجيا الكبرى مثل JD.com وAnt Group، إلى جانب مؤسسات مصرفية مرموقة مثل Standard Chartered، وبعض شركات الخدمات اللوجستية.
وأكد وزير المالية أن الحكومة تعتمد نهجًا تدريجيًا في تطوير سوق العملات المستقرة، معتبرًا أن التنظيم هو الخطوة الأولى نحو نمو متوازن يُعزز الابتكار مع الحفاظ على التنمية “المسؤولة والمستدامة”.
ومنذ يوليو العام الماضي، شرعت مؤسسات مالية وتقنية في اختبار أنظمتها داخل بيئة تنظيمية تجريبية وفرتها هيئة النقد، والتي خُصصت تحديدًا لدراسة إصدار العملات المستقرة.
وضمن هذه الخطة المرحلية، ستركز المرحلة الأولى على العملات المستقرة المرتبطة بالعملات الورقية، على أن تشمل المرحلة التالية، بحسب تشان، عملات مستقرة مدعومة بأصول حقيقية متصلة بالاقتصاد الفعلي.
وشدد الوزير على أن فلسفة حكومة المنطقة في هذا المجال تنطلق من مبدأ أن العملات المستقرة ينبغي أن تُستخدم لأغراض عملية لا كمجرد أدوات للمضاربة. وأضاف أن السوق يملك ما يكفي من الوعي والنضج لاكتشاف التطبيقات المجدية لهذه العملات، مشجعًا الجهات القادرة على تقديم نماذج استخدام واضحة على التقدم للحصول على التراخيص.
وأوضح تشان أن العملات المستقرة، خاصةً تلك المرتبطة بالعملات الورقية، تتيح فرصًا هامة في مجالات مثل المدفوعات عبر الحدود، بما يساهم في تحسين الكفاءة وخفض التكاليف.
لكن هونغ كونغ ليست وحدها في هذا التوجه. فقد أشار الوزير إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تُظهر اهتمامًا متزايدًا بالأصول الرقمية منذ توليها السلطة، معربًا عن اعتقاده بأن هذا المجال سيشكل محورًا رئيسيًا لابتكار التكنولوجيا المالية في المستقبل.
ولفت تشان إلى أن هونغ كونغ تُمثّل مختبرًا للابتكار المالي يمكن أن يستفيد منه البرّ الرئيسي الصيني إذا قرر تطوير عملات مستقرة أو غيرها من أدوات الأصول الرقمية.
وفي تدوينة نُشرت يوم الأحد، عبّر الوزير عن توقعاته بأن تُصبح هونغ كونغ أكبر مركز عالمي لإدارة الأصول العابرة للحدود خلال عامين إلى ثلاثة أعوام. وذكر أنه بحلول مارس الماضي، بلغ عدد الصناديق المسجلة في المدينة 976 صندوقًا، مع نمو التدفقات الداخلة بنسبة 285% على أساس سنوي لتصل إلى 44 مليار دولار.
وختم “تشان” بالإشارة إلى أن هونغ كونغ، وسط حالة عدم اليقين العالمي، تُوفّر بيئة آمنة ومستقرة وموثوقة لرأس المال الدولي، بفضل مكانتها كميناء حر ونظامها القانوني الصلب.