أخبار المنطقةأخبار عالميةإختيار المحررتقاريرشبكات بلوكتشينشركاتقوانين وإجراءاتمساحة رأيمقابلات خاصةمنصات تداول

تنظيم مجال العملات الرقمية: الآن قبل أيِّ وقتٍ آخر!

كانت الإنطلاقة الأولى لمجال العملات والأصول الرقمية منذ إطلاق أول عملة بيتكوين (Bitcoin) ضمن شبكة لا مركزية ومفتوحة المصدر عام 2009. واليوم بعد مرور ثلاثة عشر عام على انطلاق هذا المجال، تحتوي سوق العملات الرقمية على 9000 عملة رقمية تقريباً.

وممّا لا شكّ فيه أن مجال العملات الرقمية جاء حلاًّ للكثير من المشاكل المالية، لا بل حلَّ كأضخم تطوّر شهدته التكنولوجيا المالية حتّى يومنا هذا. فقد عززت العملات الرقمية الحرية المالية، والملكية الخاصّة للأموال، ولغت الحاجة للوسيط في عمليات تداول الأموال أو خضوع أموال الأفراد لقوانين الدول وغيرها…

إلّا أنّه ومع تطور هذا المجال بسرعةٍ هائلة وبعد ما مرّت به سوق العملات الرقمية في الآونة الأخيرة كالهبوط المفاجئ والفوري لعملة “LUNA” وانهيار وإفلاس كبار الأذرع والشّركات في المجال، بدت الحاجة جليّة إلى أطرٍ تنظيمية واضحة تنظّم هذا المجال وترجع الأمان لغالبية جمهوره الّذي مرّ بحالة هلعٍ كبيرة لا زالت مستمرة حتى الآن بعد الفترة السّابقة خلال الأشهر الماضية والّتي عُرِفت بـ “شتاء الكريبتو-Crypto Winter”.

لماذا؟

لتنظيم مجال العملات والأصول الرقمية ضرورة لا بل أسباب كثيرة، وفيما يلي أبرزها:

  • لمنع التلاعب بالسوق وحماية المستثمرين ولزيادة معرفة الأفراد حول العملات الرقمية، فمخالفات التلاعب بالسوق وتقلب الأسعار هما ظاهرتان شائعتان في مجال العملات الرقمية. إذ إن الافتقار إلى المعلومات المصرح بها حول الأصول الرقمية والقواعد التكنولوجية المعقدة المرتبطة بها يجعل من الضروري وضع لوائح تنظيمية لحماية المستثمرين لما لها وللقوانين من دورٍ رئيسي في تعريف الأفراد بشكلٍ واضحٍ أكثر على المجال.
  • لفهم عميق للمخاطر المرتبطة بتقنية العملات الرقمية إذ أنها تتقدم وتتبدّل بوتيرة فائقة. وبالنظر إلى المعدل السريع للتغير التقني الذي يصحبها، هناك حاجة كبيرة إلى بنية تحتية للمعلومات ومستشارين ماليين محترفين مهرة في العملات الرقمية. وبهذه الطريقة، يمكن للمستثمرين فهم المخاطر التكنولوجية للعملات الرقمية واتخاذ قرارات حاسمة ومضمونة.
  • للقضاء على عمليات الاحتيال التي يمكن أن تحصل عبر الإنترنت ومخاطر الأمن السيبراني، فالاستثمار في العملات الرقمية يقابله خطر الاحتيال الالكتروني عبر الإنترنت. وبينما يمكن أن يؤدي هجوم إلكتروني واحد إلى خسائر كبيرة للمستثمرين الذين وضعوا مدخراتهم في العملات الرقمية، بالمقابل يمكن من خلال اللوائح التنظيمية والقوانين للسلطات تنفيذ تدابير لمساعدة مستثمري العملات الرقمية على حماية أصولهم. أيضاَ، يمكن للمستثمرين التغلب على مخاوفهم في هذه الحالة من خلال الضمانات القانونية لحمايتهم أو استعادة استثماراتهم في حالة فقدانها.
  • لمكافحة غسل الأموال، فأي تقنية غير منظمة تخلق عبرها القدرة على تمويل الأعمال الغير قانونية. ونتيجةً لذلك، تلزم هذه الخطورة إجراء عملية التحقق من العميل المعروفة بـ”Know your Customer”. يمكن أن يساعد ذلك في تتبع الهويات الحقيقية للمستثمرين والتحقق من مواقعهم عند شراء أو بيع العملات الرقمية وخلق هويات رقمية رسمية لهم ضمن الدولة في حال تم تنظيم هذه التقنيات بقوانين مالية رسمية. وبالتالي أي انتهاك لهذه المعايير ينبغي أن يقابَل بعقوبات قانونية صارمة.

كاتاريا: التنظيم الآن قبل أي وقت

في منشورٍ سابقٍ له عبر تطبيق “لينكد إن-LinkedIn”، شارك الرئيس التنفيذي لشركة “دي آي أف أكس-DIFX”، جيتو كاتاريا، رأيه حول ضرورة تنظيم مجال العملات الرقمية الآن قبل أي وقتٍ آخر.

وفي هذا السياق، سألت “أنلوك بلوكتشين” كاتاريا أسئلةً عدة، إذ أن مشاركته لهذا الرأي عبر لينكد إن تفيد بأن قطاع العملات الرقمية في حاجةٍ ماسة إلى التنظيم، والآن أكثر من أي وقت مضى. وسألت “أنلوك”، “لقد كتبت أيضاً أن العملات الرقمية لم تعد هي الحل لجميع مشاكل البشرية في حال بقيت على ما هي عليه الآن والتنظيم يمكن أن يساعد. لذا برأيك، كيف يمكن أن يساعد مجال العملات والأصول الرقمية الأفراد وأن يوفر حلول للمشاكل المالية؟ وإذا لم يتم تنظيم هذا القطاع في المستقبل القريب، فلماذا لم تعد تعتبره حلاً مناسباً؟ (بحسب ما ذكرت)

أجاب كاتاريا: ” بدأت فكرة البلوكتشين بمفهوم اللامركزية، وهي فكرة إعطاء السلطة للشعب في الشق المالي وجعل المعلومات شفافة! أنا أؤمن إيماناً راسخاً بأن مجال العملات الرقمية والبلوكتشين هو المفتاح لمساعدة الكثير من القضايا التي تواجهها جميع أنحاء العالم من حيث البيانات والاتصال والإدارة المالية. وبالنسبة لأولئك المتخصصين منا في هذا المجال، قد يكون تنظيم العملات الرقمية عبر لوائح تنظيمية شيئاً يتعارض بشكل أساسي مع هذه المبادئ، لكنني أعتقد أنه مع التحول نحو التبني الجماعي لهذا المجال، فإن تنظيمه هو شيءٌ مطلوب للحفاظ على سلامة كل من المنظمات والمستخدمين!”

ولدى سؤال كاتاريا حول مدى ارتباط تنظيم مجال العملات الرقمية بتنظيم تقنية البلوكتشين، وفي حال يعتبران قطاعين متشابكين وغير قابلين للفصل أم العكس، وعن تعليقه على مشهد تنظيم مجال العملات الرقمية اليوم حول العالم ومدى إمكانية البناء عليه نحو المستقبل القريب. أوضح مجيباً: “بصفتي رئيساً تنفيذياً لمنصة تداول “مركزي”، أعرف التحديات التي تواجهها هذه المبادرات التنظيمية من قبل بعض الجهات لأنها تتغير باستمرار، وهناك منحنى تعليمي ضخم يعتمد عليه كل من المنظمين والمتبنين على حد سواء لفهم الفائدة الحقيقية والحلول التي توفّرها تقنية البلوكتشين-blockchain. أحد النقاط الرئيسية التي توفرها البلوكتشين- blockchain هي القدرة على إجراء المعاملات/نقل المعلومات عبر الحدود دون استخدام أو اللجوء إلى وسيط، أي مبدأ اللامركزية ذاته. إلا أنه بالإضافة إلى العملات والأصول الرقمية، أثارت التطبيقات المختلفة لبلوكتشين مثل الرموز الغير قابلة للاستبدال -NFTs وDAOs والتمويل اللامركزي-DeFi والتمثيل الرقمي- tokenization، مخاوف تنظيمية بشأن تدفقات البيانات عبر الحدود وحقوق الملكية الفكرية وضوابط رأس المال والغموض الضريبي.”

وأكّد كاتاريا قائلاً: “سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن المنظمين يمكنهم وضع مجموعة واحدة من القواعد لجميع تطبيقات تقنية البلوكتشين هذه للالتزام بها لأنها مختلفة اختلافاً جوهرياً. ويجب دراسة هذه التطبيقات كلٌّ على حدة وبعناية وفهمها في بيئات واقتصادات مختلفة لإنشاء قواعد تناسب دول مختلفة.”

وعلّق على “تنظيم العملات الرقمية” قائلاً: “مع ذلك، إذا كنا ننظر إلى سوق متقلبة مثل سوق العملات الرقمية، أعتقد أن المزيد من التنظيم يمكن أن يزيد من الاستقرار، ويوفر إرشادات واضحة للشركات حتى يتمكنوا من الابتكار في هذا الاقتصاد ومن حماية المستثمرين على المدى الطويل ومنع النشاط الاحتيالي. يمكن أن تساعد الإرشادات التنظيمية الأكبر، إذا تم توجيهها بشكل جيد، في تقليل المضاربة بين أصول العملات الرقمية، علاوةً على حماية المستخدمين من عمليات الاحتيال المالي، والتلاعب بالسوق.”

وختم قائلاً: “ربما يمكننا جميعاً الحصول على استراحة من تقارير سرقة العملات الرقمية والاحتيال الفصلية المنشورة وإنشاء نظام بيئي لقطاع العملات والأصول الرقمية يكون أكثر أماناً.”

هل تنظيم العملات الرقمية يعني تنظيم تقنية البلوكتشين؟

أثناء الحديث عن تنظيم مجال العملات الرقمية، لا بدّ من التطرّق إلى مدى ارتباطها بتنظيم تقنية البلوكتشين أي الشبكة الأساسية الّتي تقوم وتُدوّن عليها معاملات العملات والأصول الرقمية. ومن الطّبيعي أنّه لا يمكن تنظيم قطاعي العملات الرقمية والبلوكتشين وفق قواعد تنظيمية ذاتها، إلّا أن هذين القطاعين يقومان على بعضهما البعض، لا بل تعتمد العملات الرقمية بشكلٍ أساسي على شبكة البلوكتشين لإتمام كل المعاملات. وهذا يفتح سؤال واسع للغاية، فهل يا تُرى، لولا وجود تقنية البلوكتشين لكانت وُجِدَت العملات الرقمية؟ وهل ستلجأ الدول والجهات الناظمة عالمياً إلى تنظيم تقنية البلوكتشين أولاً أو تنظيم العملات الرقمية حصراً أم أنها ستجمع ما ببين تنظيم القطاعين؟ أسئلةٌ كثيرة وواسعة الأُفُق يجيب عليها مشهدٌ تنظيمي واسع للغاية أيضاً!

غوى أسعد

غوى أسعد، صحافية ومحررة باللغة العربية في موقع "أنلوك بلوكتشين"، حازت على شهادة جامعية باختصاص "الصحافة وعلوم الإعلام" من الجامعة اللبنانية- كلية الإعلام، مهتمة بمعرفة المزيد وبالكتابة الصحفية المتخصصة عن تقنية "البلوكتشين" والعملات الرقمية وكل التقنيات المستجدة المرتبطة بهذا المجال. عملت سابقًا في مؤسسات إعلامية لبنانية. تتخصص الآن في مجال الصحافة، مهنيًّا وأكاديميًّا، تحضيرًا لنيل شهادة الماجستير في الصحافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى