أخبار عالميةأصول ممثلة رقميًامساحة رأيويب 3.0

“الميتافرس”.. ثورة في القطاع المصرفي!

نظرًا لجذب تقنية الويب 3.0 المزيد والمزيد من القطاعات إلى العالم الرقمي الجديد، اتخذ القطاع المصرفي خطوات مبدئية لدخوله إلى هذا المجال الجديد واختبار تجربة جديدة . لطالما كانت الخدمات المصرفية في طليعة تطبيق التقنيات المتطورة لتقديم خدمات جديدة تجذب العملاء. ومع هذه التكنولوجيا الجديدة، ها هو القطاع المصرفي اليوم يخطو خطواته الأولى نحو العالم الإفتراضي، الميتافرس.
توفّر الرقمنة والاستخدام الواسع النطاق للتمويل غير النقدي، خيارًا منخفض التكلفة لتوسيع أي عمل مالي، لكن الميتافرس سيذهب إلى أبعد من ذلك بكثير.
سيؤدي تطوير الميتافرس إلى تكوين بيئة افتراضية جديدة يتمكن فيها الأفراد من المشاركة في التفاعل الإبداعي والترفيه والعمل. وعلى الرغم من أن المعاملات المالية ستكون مطلوبة هناك كما في العالم الحقيقي، فإن العملاء سيرغبون في أن تكون خالية من القيود الإقليمية وغيرها من القيود المادية.

توقعات ضخمة
يعتقد 82٪ من الرؤساء التنفيذيين أنه سيتم دمج الميتافرس في أعمالهم في غضون ثلاث سنوات.
ووفقًا لخبراء Citibank ، فإن الميتافرس سيصبح الجيل التالي من الإنترنت، أو الويب 3.0. سيتمكن المستخدمون من الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات، مثل التجارة والفن والإعلام والإعلان والرعاية الصحية والتعاون الاجتماعي. سيكون متاحًا على أجهزة الكمبيوتر المكتبية وأجهزة الألعاب والهواتف المحمولة والواقع الافتراضي (VR) وأجهزة الواقع المعزز (AR).
من خلال الاستفادة من هذا السوق الواسع، من المتوقع أن يتراوح إجمالي الإمكانات التي يمكن معالجتها في الميتافرس ما بين 8 تريليون دولار و 13 تريليون دولار بحلول عام 2030، ويقدّر أن يبلغ عدد مستخدمي الميتافرس حينها بخمسة مليارات.

تجربة الميتافرس تكتسب قوة دفع
يعمل الملايين من الأفراد بالفعل على بناء ميتافرس الخاص بهم والانخراط في هذا العالم المشوّق. على الرغم من أن هناك 30 مليون سماعة رأس فقط في الواقع الافتراضي قيد الاستخدام، فإن أكثر سلائف الميتافرس شهرةً، أي ألعاب الإنترنت مثل Fortnite و Roblox و Minecraft، لديها حوالي النصف مليار لاعب.
من حيث حجم المعاملات ، فإن Sandbox هي أكبر بيئة افتراضية، تتضمّن 65000 معاملة في أرض افتراضية بقيمة 350 مليون دولار في عام 2021. وأصبحت Decentraland ثاني أكبر عالم افتراضي مملوك للمستخدم، قائم على “الإيثيريوم”، يتضمّن 21000 معاملة عقارية بلغ مجموعها 110 مليون دولار وفقًا لمجلة “فوربس”.


بنوك بدأت بالدخول إلى العالم الرقمي الجديد
مواكبةً للتطور الحاصل، بدأت بعض الجهات المصرفية في إدخال تقنيات العالم الرقمي الجديد في مجال الخدمات المصرفية. على سبيل المثال، يتطلع Mercobank السويدي إلى أن يصبح الحافظ الأمين للأصول الرقمية مثل الأصول غير القابلة للاستبدال (NFTs). كما يتيح Bank of America BAC لموظفيه التدريب في الواقع الافتراضي. بالإضافة إلى بنك KB Kookmin الكوري الذي يقدم تجربة مصرفية افتراضية كاملة، بما في ذلك اجتماعات فردية مع مستشار مالي.
هذا وأبرم DBS Bank Ltd، أكبر بنك في جنوب شرق آسيا، شراكة مع The Sandbox ، وهي منصة ألعاب في الميتافرس قائمة على تقنية البلوكتشين، لبناء خدمات جديدة للعملاء في العالم الافتراضي ثلاثي الأبعاد الذي يستخدم الصور الرمزية الرقمية (الأفاتار).
وفي فبراير، أعلن JP Morgan إنه كان أول بنك في العالم الافتراضي وافتتح صالة له في Decentraland. وبعد مرور شهر، انضم HSBC إلى The Sandbox للتفاعل مع عشاق الرياضة والألعاب.
أمّا في الإمارات، فأعلن البنك التجاري الدولي-CBI عن إطلاق موقعه الافتراضي في عالم الميتافيرس. ووفقًا للبيان، يعتبر أول بنك في دولة الإمارات العربية المتحدة يتواجد في العالم الإفتراضي وعبر مجال الميتافيرس.
ومن حوالي الشهر تقريباً، أطلق بنك الإمارات دبي الوطني، المجموعة المصرفية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، برنامجاً عالمياً لمسرّعات شركات الميتافيرس الناشئة بهدف تعزيز تجربة عملاء الاقتصاد الافتراضي الجديد، وذلك بالشراكة مع “فينتك هايف” التابع لمركز دبي المالي العالمي، أكبر مركز للتكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، وبدعم تكنولوجي من شركة مايكروسوفت.

التحديات التي قد تواجهها البنوك

  • معرفة العميل: تقع على البنوك مسؤولية قانونية ائتمانية لمعرفة عملائها قبل تقديم أي خدمة لهم. يضمن هذا العامل الحاسم بقاء البنوك في صفّ القانون وعدم مخالفته. هذا ويعدّ التحقق من العملاء عملاً معقدًا في العالم الافتراضي والبيئات الغامرة، حيث لا يمكن التأكّد من نظام معلومات الأنظمة التأمينية( IRIS) ، باستخدام أجهزة الواقع الافتراضي VR، ولا يمكن أخذ بصمات الأصابع باستخدام قفازات الواقع الافتراضي. قد يحجم العملاء عن إزالة أجهزة الواقع الافتراضي الخاصة بهم للتحقق من الـOTPs على أجهزتهم المحمولة. نتيجة لذلك، يمكن النظر في بدائل مثل البصمات الصوتية أو استخدام الممثلات الرقمية الإلكترونية الفريدة للتأكد من أن العميل موجود بالفعل في صالة البنك.
  • إستضافة العملات الرقمية: يعتبر اعتماد العملات الرقمية، واحدة من الميزات الأكثر تشويقاً على منصة ميتافرس. ففي “ديسنترالاند” يتم التداول بعملة Mana الرقمية، وفي “ساندبوكس”، يتم التداول بـ “Sand”. نتيجة لذلك، يجب على أي لاعب مصرفي أو مالي يتطلع إلى التوسع في هذه المنصات أن يقدّم دائمًا العملة الرقمية كعرض. وفي حال لم يتم اعتماد العملات الرقمية في الميتافرس، فلن يكون لوجود البنك في هذه المساحة أيّ قيمة.
  • تمويل الأصول الرقمية: يشكّل الاستحواذ على الأراضي الافتراضية والأصول المرتبطة بالـ NFTs عامل جذب للانخراط في الميتافرس، كونَ العملاء حريصين على شراء الأصول غير القابلة للاستبدال في الفضاء الإلكتروني. اشترى عدد كبير من العملاء الفن الرقمي ومكونات لعبة البلوكتشين والموسيقى وحتى ملصقات الأفلام الرقمية، كما تم شراء الأصول بملايين الدولارات في بعض الحالات. هذه الأصول مدعومة بتقنية البلوكتشين، ويمكن بسهولة نقل حقوق الملكية أو الامتياز إلى محفظة البنك، ونسبة الأمان فيها عالية جداً.
  • نسبة تجاوب ومشاركة العملاء في العالم الإفتراضي: تنجذب نسبة كبيرة من عنصر الشباب إلى التفاعلات الافتراضية باستخدام الميتافرس، لا سيّما منصات الألعاب. هذا ويمكن للبنوك دفع العملاء للمشاركة في الميتافرس، من خلال تقليد ألعاب الميتافرس، وإنشاء عوالم غامرة. على سبيل المثال، يمكن لمحو الأمية المالية القائمة على الألعاب وتعليمات التخطيط المالي، أن تساعد العملاء الشباب على تصوّر مسار حياتهم وإلهامهم للتخطيط.

كيف سيغير الميتافرس القطاع المصرفي؟
على المدى الطويل ، يمتلك الميتافرس القدرة على إحداث ثورة في عملية تفاعل البنوك مع عملائها وموظفيها وشركائها. إليكم المجالات الثلاثة التي يجب التركيز عليها جيداً:

  • تقديم الخدمات والوظائف في صورة ثلاثية الأبعاد: تعتقد شريحة كبيرة من المصرفيين أن العملاء يرغبون في استخدام تقنية الـ ARAR أو VR كقناة مصرفية بحلول عام 2030، لذلك ليس من المستغرب أن تستكشف البنوك هذا المجال وتغوص في أعماقه. باختصار، إن الميتافرس المصرفي، يشبه تماماً الخدمات المصرفية التي نقوم بها عبر الإنترنت أو عبر الهاتف المحمول، ولكن بدلاً من مشاهدة الخدمات والتعامل معها بطريقة ثنائية الأبعاد، بات بإمكان العملاء التعامل معها في صورة ثلاثية الأبعاد، ويمكنهم إنشاء عرض تفاعلي بنمط Minority Report للخدمات المصرفية الخاصة بهم. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للواقعين الافتراضي والمعزز أيضًا تغيير تجربة “الموظف”، مما يجعلهما سلاحين فعالين في حرب المواهب.
  • التعامل مع العملاء بطرق جديدة هادفة: غالبًا ما تكون الخدمات المصرفية الرقمية في الوقت الحالي صحيحة وظيفيًا ولكنها فارغة من الناحية العاطفية. ومن المفارقة أن الميتافرس سيوفر للبنوك فرصة لإعادة الحسّ الإنساني إلى التجارب التي يقدمونها للعملاء، والوصول إلى شريحة جديدة من الناس. باستخدام الميتافرس، يمكن للبنك الدمج بين الراحة الرقمية والفوائد غير الملموسة للتفاعل الشخصي. على سبيل المثال، إحضار الفرع إلى المنزل، أو إجراء محادثة إستشارية افتراضياً في مطبخ العميل، أو إعطاء قرض منزل افتراضيًا.
  • ابتكار منتجات جديدة وخلق أسواق جديدة: الأصول الرقمية، ولا سيما الأصول غير القابلة للإستبدال، تجلب مفهوم الملكية إلى العالم الرقمي، ومن المرجح أن تكون البنوك هي الكيان الأكثر موثوقية للاحتفاظ بأصولنا الرقمية. سيخلق ذلك فرصًا مثل إنشاء خدمات الحفظ وتطوير عملات مستقرة مدعومة بالأصول. كما سيسمح للبنوك الجريئة بإعادة التفكير في الأساسيات.

في نهاية المطاف، إنّ أهم خطوة يمكن للبنوك التي تنوي دخول الميتافرس القيام بها، هي تطوير استراتيجية تتماشى مع احتياجات العملاء وسياسة المصرف، وتحديد الغرض منها. فمجرد التواجد في مساحة ميتافرس من أجل إثبات الوجود و إطلاق فرع في “ديسنترالاند”، فهذه لا تعتبر استراتيجية. فالدخول أولاً إلى عالم جديد ليس مهمّ بقدر القيمة أو الميزة التي سيضيفها “البنك” أو العلامة التجارية في هذه المساحة، والميزات التي سيقدّمها إلى عملاءه.
فهل ستلعب البنوك دورًا رائدًا في تحديد وتصميم هذا العالم الجديد، أم سيمضون العقد المقبل يتدافعون لمحاكاة ما ابتكره الآخرون؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى