قيادات “تيذر” تستحوذ على ذراع تعدين البيتكوين التابعة لـ “نورثرن داتا”

باعت شركة “نورثرن داتا” الألمانية، المتخصصة في مراكز البيانات والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والتي تمتلك شركة تيذر مُصدِرة العملة المستقرة، شركتها التابعة لتعدين البيتكوين بيك ماينينغ، إلى شركات يسيطر عليها كبار المديرين التنفيذيين في تيذر، وذلك وفقًا لوثائق رسمية اطلعت عليها صحيفة فايننشال تايمز.
وتمت عملية بيع وحدة التعدين في نوفمبر، بسعر قيل إنه بلغ نحو 200 مليون دولار. وشملت قائمة المشترين شركات هايلاند غروب ماينينغ، وأبالاشيان إنرجي، إضافة إلى كيان كندي، وجميعها مرتبطة بقيادة تيذر.
وتُظهر السجلات أن شركة هايلاند غروب ماينينغ تخضع لسيطرة جيانكارلو ديفاسيني، المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة تيذر، إلى جانب باولو أردوينو، الرئيس التنفيذي للشركة. كما يُدرج ديفاسيني مديرًا وحيدًا للكيان الكندي المشارك في الصفقة. في المقابل، لا تزال تفاصيل ملكية شركة أبالاشيان إنرجي، المسجلة في ولاية ديلاوير الأميركية، غير مُعلنة حتى الآن.
ورغم أن نورثرن داتا أعلنت رسميًا عن بيع شركة بيك ماينينغ الشهر الماضي، فإنها لم تُفصح عن أسماء المشترين. ويُعزى ذلك إلى أن إدراج الشركة في سوق ثانوية ألمانية لا يفرض عليها الإفصاح عن معاملات الأطراف ذات الصلة، ما أتاح إتمام الصفقة دون إقرار رسمي بوجود تداخل بين البائع والمشتري.
ولم تكن هذه الصفقة المحاولة الأولى لبيع ذراع التعدين إلى كيانات مرتبطة بديفاسيني. ففي وقت سابق من العام الجاري، أبرمت نورثرن داتا اتفاقية غير ملزمة لبيع بيك ماينينغ إلى شركة إلكترون إنرجي مقابل 235 مليون دولار. غير أن الصفقة انهارت لاحقًا، في حين رُبطت شركة إلكترون بديفاسيني من خلال ملفات خارجية.
وقد أثار توقيت البيع اهتمام المراقبين، إذ بعد أيام قليلة من إعلان نورثرن داتا عن التخارج، أعلنت منصة مشاركة الفيديو رامبل، التي تمتلك فيها تيذر نحو 48%، عن اتفاقية بقيمة 767 مليون دولار للاستحواذ على نورثرن داتا. وضمن الصفقة الأوسع، التزمت تيذر بشراء خدمات معالجة رسوميات بقيمة 150 مليون دولار من رامبل، إلى جانب توقيع اتفاقية إعلانية منفصلة بقيمة 100 مليون دولار.
إلى ذلك، تُظهر البيانات أن نورثرن داتا مدينة بقرض من تيذر بقيمة 610 ملايين يورو. ووفقًا لشروط صفقة الاستحواذ المرتبطة بشركة رامبل، يُتوقع تحويل نصف هذا الدين إلى أسهم في رامبل، فيما يُعاد هيكلة النصف الآخر ضمن قرض جديد مضمون بأصول نورثرن داتا.
وتأتي هذه التطورات في وقت لا تزال فيه نورثرن داتا خاضعة لتدقيق رقابي أوروبي. ففي سبتمبر، داهمت السلطات في ألمانيا والسويد مكاتب الشركة في إطار تحقيق يتعلق بشبهة تهرب ضريبي في ضريبة القيمة المضافة، قد تتجاوز قيمته 100 مليون يورو. غير أن الشركة نفت ارتكاب أي مخالفات، وأرجعت التحقيق إلى سوء فهم مرتبط بالمعالجة الضريبية لخدمات الحوسبة السحابية الخاصة بوحدات معالجة الرسومات (GPU) وعمليات تعدين العملات الرقمية القديمة.
كما واجهت الشركة تحديات قانونية داخلية، بعدما اتهمها مسؤولون تنفيذيون سابقون بسوء الإدارة المالية وارتكاب مخالفات ضريبية. إلا أن هذه الادعاءات سُحبت لاحقًا، ورُفضت الدعوى من دون الكشف عن تفاصيل التسوية.
أما على صعيد تيذر، فتأتي هذه الصفقة ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى التوسع خارج نطاق العملات المستقرة، وتعميق الحضور في تعدين البيتكوين، والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والإعلام الرقمي. وكان الرئيس التنفيذي باولو أردوينو قد صرّح سابقًا بأن تيذر تسعى لأن تصبح واحدة من أكبر شركات تعدين البيتكوين في العالم بحلول نهاية عام 2025، معتبرًا أن ذلك يشكّل وسيلة لحماية احتياطيات الشركة الضخمة من البيتكوين. وقد استثمرت تيذر بالفعل مليارات الدولارات في مشاريع تعدين وطاقة في مختلف أنحاء أميركا اللاتينية.
ومع ذلك، يواجه مُصدِر العملة المستقرة تدقيقًا متزايدًا، إذ خفّضت وكالة ستاندرد آند بورز مؤخرًا تقييمها لاستقرار عملة USDT، محذّرةً من أن ارتفاع انكشاف تيذر على البيتكوين قد يفرض مخاطر إضافية خلال فترات اضطراب الأسواق.
وفي المحصلة، تُبرز عملية بيع شركة بيك ماينينغ، إلى جانب شبكة العلاقات المالية المرتبطة بها، البنية المعقدة والمتشابكة التي باتت تدعم إمبراطورية تيذر المتنامية. وهي بنية تشمل اليوم العملات المستقرة، والتعدين، والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ومنصات الإعلام، والتجارة العالمية، في وقت لا تزال فيه الشركة تحت مجهر الجهات التنظيمية والأسواق على حد سواء.



