“سولانا” تعزز شبكات البلوكتشين لمواجهة الهجمات الكمومية المستقبلية

مع تحوّل الحوسبة الكمومية من مجرد نظرية بعيدة إلى تهديد عملي محتمل في عام ٢٠٢٥، أعلن مطورو سولانا عن بدء اختبار تقنيات تشفير مقاومة للحوسبة الكمومية، استعدادًا لمستقبل قد لا تصمد فيه الأنظمة الحالية.
فقد أعلنت مؤسسة سولانا يوم الثلاثاء عن تعاونها مع شركة بروجكت إيليفن، المتخصصة في أمن ما بعد الحوسبة الكمومية، لتقييم قدرة أنظمة التشفير الرقمية الخاصة بسولانا على الصمود أمام الحواسيب الكمومية المستقبلية، وذلك في ظل مخاوف متزايدة من أن التطورات في هذا المجال قد تقوض آليات تأمين المعاملات والتحقق على شبكات البلوكتشين. وكتبت المؤسسة على منصة X: “لم تصل الحواسيب الكمومية بعد، لكن مؤسسة سولانا تستعد لهذا الاحتمال، واستشرنا بروجكت إيليفن لتقييم جاهزيتنا للحوسبة الكمومية”.
ويُناقش مطورو شبكات البلوكتشين الأخرى، بما في ذلك بيتكوين وإيثيريوم وزيكاش، كيفية معالجة شبكاتهم لمخاطر الحوسبة الكمومية. وتشير سولانا إلى أن خطوتها الأولى تتمثل في نشر التوقيعات الرقمية المقاومة للحوسبة الكمومية على شبكة اختبار خاصة بها، كمرحلة أولى لضمان الأمان المستقبلي.
ويُذكر أن مشروع بروجكت إيليفن ركّز تقليديًا على التهديد الكمومي لبيتكوين، لكنه أجرى تقييمًا للمخاطر على شبكة سولانا باستخدام التوقيعات الرقمية ما بعد الكمومية، واختبر تشغيل المعاملات المقاومة للهجمات الكمومية على مستوى الشبكة دون تعطيل العمليات الحالية.
وبهذه المناسبة، صرح نائب رئيس قسم التكنولوجيا في سولانا، “مات سورج”، قائلاً: “تتمثل مسؤوليتنا في ضمان أمان سولانا ليس اليوم فقط، بل لعقود قادمة”. ويستند هذا العمل إلى جهود سابقة بذلها المطورون للحد من المخاطر الكمومية المحتملة، مثل ميزة خزنة سولانا وينترنيتز التي أُطلقت في يناير، والتي تستخدم نظام توقيع قائم على التجزئة لحماية أموال المستخدمين، مع إنشاء مفاتيح جديدة لكل معاملة.
وأضاف “سورج”: “ستستمر ثقافة التطوير المستمر في نظام سولانا البيئي مع إصدار عميل ثانٍ وآلية إجماع متطورة هذا العام”، مؤكداً أن جهودًا مثل مشروع بروجكت إيليفن تمثل خطوات ملموسة لتعزيز الشبكة والحفاظ على ريادتها واستدامتها على المدى الطويل.
هذا ولا تقتصر الاستعدادات على سولانا فقط، إذ تسعى شبكات بلوكتشين أخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة. ففي أبتوس، يُقدّم اقتراح يُعرف باسم AIP-137 أول خيار توقيع ما بعد الكمومي في الشبكة، في حال موافقة حاملي الممصلات الرقمية، مع دعم نظام SLH-DSA الذي يعتمد على التجزئة ويعد معيارًا وضعه باحثون في المعهد الوطني الأميركي للمعايير والتكنولوجيا. ويتيح الاقتراح استخدام SLH-DSA كخيار إضافي، مع استمرار نظام Ed25519 الافتراضي، مما يقلل الحاجة إلى نقل شامل للشبكة.
ويستند نظام ما بعد الحوسبة الكمومية إلى خوارزمية SHA-256، مما يجعل تطبيقه متوافقًا مع البنية الحالية دون الحاجة إلى افتراضات تشفيرية جديدة. ومع ذلك، فإن زيادة حجم التوقيعات وبطء التحقق منها قد يؤدي إلى ضغط إضافي على الشبكة عند توسيع نطاق استخدامها، ما يجعل التطبيق تدريجيًا وحذرًا.
ويتضح من تصريحات أبتوس لابز أن هذا التحضير الطويل الأمد يهدف إلى الاستعداد للتطورات المستقبلية في الحوسبة الكمومية، وليس استجابة لتهديد فوري. وكتبوا على منصة X: “بعد بحث دقيق وصياغة شاملة، نعتقد أن معيار AIP-137 سيمكّن شبكة أبتوس من الاستجابة بشكل أفضل للتطورات المستقبلية، مع الحفاظ على زمام المبادرة بدلًا من الوقوع تحت ضغط الوقت أو المفاجآت التكنولوجية”.
وينبع قلق مطوري شبكات البلوكتشين من احتمال أن تسمح الحواسيب الكمومية فائقة القوة للمهاجمين باستخلاص المفاتيح الخاصة من المفاتيح العامة وتزوير التوقيعات. وبينما يسعى مطورو البلوك تشين إلى الاستعداد لمستقبل الكم، لا يزال الباحثون يناقشون مدى سرعة الوصول إلى هذه المرحلة.
وفي تعليق حول الموضوع، كتب آدم باك، المؤسس المشارك لشركة بلوكستريم وخبير التشفير، على منصة X: “المخاطر معدومة على المدى القريب. هذه التقنية ما زالت في مراحلها المبكرة جدًا، وهناك تحديات هائلة في البحث والتطوير. مع ذلك، من المنطقي أن نكون مستعدين لتقنية الكم”.



