روسيا تؤكد رفضها اعتماد العملات الرقمية كعملة قانونية

في بيانٍ قاطع، أكّد أناتولي أكساكوف، رئيس لجنة الأسواق المالية في مجلس الدوما الروسي، الحظر التام لاستخدام العملات الرقمية كوسيلة للدفع داخل روسيا، مشددًا على ثبات الموقف الرسمي حيال هذا الملف.
وفي مؤتمر صحفي لوكالة “تاس”، أوضح أكساكوف أن جميع المدفوعات داخل البلاد يجب أن تتم حصراً بالروبل الروسي، مستبعدًا بشكل كامل إمكانية اعتماد العملات الرقمية، مثل بيتكوين وإيثيريوم، كعملة قانونية في المستقبل المنظور. وقال في هذا السياق: “يجب أن ندرك أن العملات الرقمية لن تصبح عملة رسمية في بلادنا. يمكن استخدامها فقط كأداة استثمارية، أما أي عمليات دفع، فيجب أن تكون بالروبل لا غير”.
ويأتي هذا الموقف في إطار القانون الروسي الخاص بالأصول المالية الرقمية، الذي يُعرّف العملات الرقمية على أنها ممتلكات يمكن حيازتها وتداولها، لكنه يقيّد استخدامها حصريًا بالأغراض الاستثمارية. وبناءً على ذلك، تفرض روسيا منذ عام 2020 حظرًا صريحًا على استخدام العملات الرقمية كوسيلة للدفع، وهو ما ينسجم مع توجهات البنك المركزي الروسي الرافضة لإدماج هذه الأصول في النظام المالي اليومي.
وفي السياق نفسه، كانت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، قد دعت في مارس الماضي إلى «حظر العملات الرقمية»، في موقف متشدد منع المتداولين فعليًا من شراء وبيع هذه الأصول. كما سبق لها أن طالبت بحظر كامل لمنصات تداول العملات الرقمية وتداول الممثلات الرقمية، معتبرة أن هذه الأنشطة تشكل مخاطر على الاستقرار المالي.
ورغم هذا التشدد الرسمي، تُظهر البيانات مفارقة لافتة، إذ تصدّرت روسيا الأسواق الأوروبية من حيث تبنّي العملات الرقمية. فقد سجلت البلاد معاملات بقيمة 376.3 مليار دولار أميركي بين يوليو 2024 ويونيو 2025، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة “تشيناليسيس”، ما يعكس اتساع النشاط الرقمي رغم القيود القانونية.
وفي مقابل القيود المفروضة على المدفوعات، طرح مشرّعون روس مقترحات تهدف إلى تقنين وتنظيم قطاع العملات الرقمية. ففي سبتمبر، اقترح يفغيني ماشاروف، عضو الغرفة العامة الروسية، إنشاء “بنك وطني للعملات الرقمية” بهدف إخضاع المعاملات غير الرسمية للرقابة وتعزيز الشفافية.
وفي الإطار ذاته، أقرّ الرئيس فلاديمير بوتين بالنمو المتسارع لقطاع تعدين العملات الرقمية داخل البلاد، حيث شرّعت روسيا هذا النشاط رسميًا اعتبارًا من الأول من نوفمبر 2024، في خطوة تعكس اعترافًا بأهمية هذا القطاع من الناحية الاقتصادية.
كما دعا ماشاروف، بصفته عضو اللجنة المدنية التابعة للجنة مراجعة مشاريع القوانين واللوائح التنظيمية في الاتحاد الروسي، إلى وضع إطار تنظيمي واضح للعملات الرقمية. وأكد أن تنظيم هذا النوع من الأصول من شأنه المساهمة في معالجة عدد من التحديات، بما في ذلك تحسين أداء الاقتصاد الروسي وزيادة إيرادات الميزانية، مع الحفاظ على الرقابة المالية الصارمة التي تعتمدها الدولة.



