بوتان تخصص مليار دولار من البيتكوين لبناء “مدينة التأمل” دون المساس بالاحتياطيات

أعلنت بوتان يوم الثلاثاء عن مبادرة وطنية لتطوير البيتكوين، حيث خصصت ما يصل إلى 10,000 بيتكوين، بقيمة تقارب مليار دولار أميركي، لتمويل بناء مدينة غيليفو للتأمل، دون المساس باحتياطياتها السيادية من الأصول الرقمية.
وأعلن الملك جيغمي خيسار نامجيل وانغتشوك عن هذا التخصيص خلال خطابه بمناسبة العيد الوطني، واصفًا هذا الالتزام بأنه استثمار طويل الأمد لتوظيف الشباب وتحقيق الازدهار الوطني، مرتبط بمركز اقتصادي جديد في جنوب بوتان.

وتُوجّه هذه المبادرة حيازات البيتكوين نحو تطوير مدينة غيليفو للتأمل من خلال آليات تشمل الإقراض المضمون واستراتيجيات العائد المدارة حسب المخاطر، إلى جانب نهج الاحتفاظ طويل الأجل المصمم للحفاظ على رأس المال مع تمويل البنية التحتية. ويُعزز هذا التطوير التزامًا متعدد السنوات بالاستفادة من القيمة المتراكمة للبيتكوين مع مرور الوقت، بدلًا من تحويل الاحتياطيات إلى نقد.
وقد أفاد مسؤولون أن التفاصيل النهائية لتنفيذ المبادرة ستُعلن خلال الأشهر القادمة، ضمن أطر حوكمة تُركز على الحفاظ على رأس المال، والرقابة المناسبة، والشفافية.

تحتل بوتان المرتبة الخامسة عالميًا بين الدول الحائزة على البيتكوين من قبل الحكومات، حيث قامت بتعدين 13,011 بيتكوين منذ عام 2021 باستخدام فائض الطاقة الكهرومائية من أنهار جبال الهيمالايا. ويحوّل هذا التعدين، الذي يعتمد على الطاقة المتجددة، فائض طاقة الشبكة الوطنية إلى أصول رقمية دون أي تأثير بيئي إضافي، حيث تجاوزت حيازات الأصول الرقمية حاليًا 11,286 بيتكوين، بقيمة 1.28 مليار دولار أميركي، وفقًا لبيانات منصة Bitbo.

وتتجاوز موارد المملكة الكهرومائية في بعض الأحيان الطلب المحلي، مما يتيح تحويل الطاقة النظيفة إلى أصول وطنية طويلة الأجل من خلال شركة توليد الطاقة الوطنية. وتساهم استراتيجية التعدين هذه بأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي لبوتان، مع الالتزام بالاستدامة البيئية التي تُعدّ جزءًا أساسيًا من فلسفة التنمية الوطنية، والتي توازن بين التقدم الاقتصادي والإدارة البيئية الرشيدة.

أسست المملكة شركة Green Digital Ltd من خلال GMC لتطوير بنية تحتية لتقنية البلوكتشين، ودخلت مؤخرًا في شراكة مع Cumberland DRW لتطوير أطر تداول الأصول الرقمية، وتوسيع نطاق التعدين المستدام، ومرافق الحوسبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، إضافةً إلى تطوير العملة المستقرة الوطنية.
وقال جيلاي جامتشو، رئيس مجلس إدارة شركة Green Digital، إن هذا التعاون يربط البنية التحتية للطاقة المتجددة بسيولة عالية المستوى لدعم أجندة تنويع اقتصاد البلاد خارج القطاعات الاقتصادية التقليدية.

وبالإضافة إلى التعدين، نشرت بوتان أنظمة هوية وطنية قائمة على تقنية البلوكتشين، تخدم نحو 800 ألف مواطن على منصة إيثيريوم، بعد انتقالها من منصة بوليغون، وقد اكتمل هذا الانتقال في أكتوبر، مما يتيح إمكانية التحقق من بيانات الاعتماد والتوقيع الرقمي بسهولة وأمان.
وأكد رئيس الوزراء تشيرينغ توبغاي أن الاستفادة من شبكة إيثيريوم العالمية الموزعة تعزز أمن وشفافية ومرونة البنية التحتية الرقمية التي تخدم جميع السكان تقريبًا.

وفي مايو الماضي، أتاحت المملكة الدفع بالعملات الرقمية لدى تجار السياحة من خلال شراكات مع بنك DK وBinance Pay، مما يسمح للزوار باستخدام أكثر من 100 عملة رقمية في مختلف الخدمات، بدءًا من تذاكر الطيران والإقامة الفندقية وصولًا إلى أكشاك الفاكهة على جوانب الطرق. وقد وصف دامتشو رينزين، مدير السياحة، هذا النظام بأنه يعزز الابتكار والشمولية، ويدعم أهداف التنمية المستدامة.

وفي الآونة الأخيرة، أطلقت بوتان عملة TER الرقمية، وهي عملة رقمية قائمة على سولانا، مدعومة باحتياطيات من الذهب المادي، وموزعة عبر بنك DK، مما يضع بوتان ضمن الدول القليلة التي تُجرب الأصول الرقمية المدعومة من الدولة.

وتعمل مدينة جيليفو للتأمل كمنطقة إدارية خاصة، مصممة لجذب رؤوس الأموال الدولية من خلال وضوح الأنظمة والربط المالي الحديث، مع الحفاظ على القيم الثقافية. وقد صاغ الملك جيغمي خيسار نامجيل وانغتشوك المدينة كمشروع وطني مشترك، يشارك فيه المواطنون كأصحاب مصلحة، مع سياسات جديدة للأراضي تضمن استفادة جميع البوتانيين من عائدات التنمية، نظرًا لأن معظم الأراضي لا تزال مملوكة للدولة.
وقال الملك: “بصفتي ملككم، يجب عليّ ضمان أن يكون كل بوتاني قيّمًا وصاحب مصلحة ومستفيدًا من مدينة جيليفو للتأمل. اعتبروا المدينة شركة، وملاك الأراضي مساهمين فيها”.