أحداثأخبار المنطقةإختيار المحررشركاتمساحة رأي

مؤسسة ADI أنجزت بسرعة… والمرحلة الأصعب تبدأ الآن

تقضي معظم مشاريع البلوكتشين سنوات في إطلاق الوعود، ثم أشهراً في تبرير التأخير. لكن مؤسسة ADI اختارت مساراً مختلفاً.
خلال اثني عشر شهراً فقط، عادت المؤسسة إلى منصة أسبوع أبو ظبي المالي (ADFW) وهي تحمل شبكة رئيسية عاملة، ورمزاً رقمياً تم إدراجه منذ اليوم الأول على منصات كبرى مثل Kraken وCrypto.com وFasset، إضافة إلى سلسلة شراكات مؤسسية وضعت ADI في قلب النقاش حول البنية التحتية الرقمية في أبوظبي.
في قطاع غالباً ما تتأخر فيه النتائج عن الطموحات، يبرز عام ADI الأول لسبب واحد واضح: التنفيذ.

من فكرة البنية التحتية إلى شبكة عاملة

عند الظهور الأول لمؤسسة ADI على منصة ADFW قبل عام، بدا خطابها مختلفاً عمّا اعتاد عليه قطاع الويب 3. لم يكن هناك تركيز على تبنّي المستخدمين الأفراد أو الضجيج التسويقي، بل على بنية تحتية رقمية سيادية، وحوكمة، وأنظمة مصممة للعمل جنباً إلى جنب مع الجهات التنظيمية والمؤسسات المالية.
بعد عام واحد، تحوّل هذا الخطاب إلى واقع عملي.
تم إطلاق الشبكة الرئيسية لـ ADI Chain، في خطوة نقلت المشروع من مرحلة الفكرة إلى مرحلة البنية التحتية التشغيلية. وتُقدَّم ADI Chain باعتبارها طبقة ثانية مؤسسية تركز على العملات المستقرة والأصول الحقيقية الممثلة رقمياً، وهي مجالات تتطلب الاعتمادية والامتثال والتنظيم أكثر من السرعة وحدها.
العودة إلى المنصة نفسها بعد عام واحد وضعت معياراً واضحاً: إمّا التنفيذ، أو التلاشي. وقد اختارت ADI التنفيذ.

توكن جاء بعد الشبكة… لا قبلها

بالتوازي مع إطلاق الشبكة الرئيسية، قدمت ADI ممثلها الرقمي أو التوكن، الذي أُدرج منذ اليوم الأول على منصات Kraken وCrypto.com وFasset، ما أتاح وصولاً فورياً إلى بنية الأسواق العالمية.
تسلسل الخطوات هنا مهم.
في صناعة اعتادت على إطلاق التوكن أولاً ثم البحث عن استخدامات لاحقاً، قلبت ADI المعادلة. جاءت الشبكة أولاً، تلتها الشراكات، ثم أتى التوكن كطبقة وظيفية ضمن المنظومة، لا كعنوان تسويقي. هذا الخيار يعكس تفضيلاً واضحاً للبنية على الزخم، وهو ما تلاحظه المؤسسات جيداً.
في المقابل، يفتح إطلاق التوكن الباب أمام أسئلة طبيعية. فمع أن ADI أوضحت الدور العام لهذا التوكن، فإن السوق سيبدأ بالبحث عن وضوح أكبر حول كيفية تطور المنفعة، والحوكمة، والمشاركة على السلسلة مع مرور الوقت. وهذا أمر طبيعي في هذه المرحلة، إذ تبدأ البنية التحتية هنا بالحديث عن نفسها.

ثلاثة أيام من الزخم خلال أسبوع أبوظبي المالي

على مدار أيام ADFW، ظهرت مؤسسة ADI في عدد من الإعلانات اللافتة، ليس بسبب كثرتها، بل بسبب الجهات المعنية بها.
فقد وقّعت المؤسسة مذكرات تفاهم مع كل من بلاك روك و Finstreet لاستكشاف أسواق رأس المال الممثلة رقمياً والبنية التحتية للأصول الرقمية الخاضعة للتنظيم ضمن إطار سوق أبوظبي العالمي (ADGM) .
وتبعتها فرانكلين تامبلتون باتفاقيات استراتيجية موازية، تؤكد الاتجاه نفسه: التوكنة المؤسسي ضمن بيئة تنظيمية واضحة.
بعيداً عن أسواق رأس المال، توسعت ADI في حالات استخدام عملية، من بينها مبادرة عالمية لتمثيل الذهب رقمياً بالتعاون مع International Gold Holding، إضافة إلى مشاريع تجريبية في مجالات الامتثال والمدفوعات والأتمتة. كما أُعلن عن إطلاق FutureTech 4.0 بالتعاون مع أكاديمية مركز أبو ظبي العالمي، بهدف تدريب 10,000 طالب إماراتي على تقنيات البلوكتشين والذكاء الاصطناعي، مضيفاً بُعداً بشرياً إلى سردية البنية التحتية.
خلال ثلاثة أيام، لم تكن ADI الأعلى صوتاً، لكنها كانت حاضرة باستمرار، ما عكس انتقال المشروع إلى مرحلة أكثر وضوحاً وتأثيراً.

اختبار العملة المستقرة… الاختبار الأهم

تبرز حالة استخدام واحدة اليوم بوصفها الاختبار الأكثر أهمية لطموحات ADI المؤسسية.
في أبريل، أُعلن رسمياً عن مبادرة لإطلاق عملة مستقرة مدعومة بالدرهم الإماراتي، بمشاركة بنك أبوظبي الأول (FAB) إلى جانب مساهمين استراتيجيين هم IHC وADQ في ذلك الوقت، وبحصول المشروع على موافقة مبدئية من مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي. وفي حينه، تم تحديد ADI Chain كبنية البلوكتشين التي ستُستخدم لدعم عملية الإصدار، ما وضع الشبكة مباشرة ضمن الإطار النقدي المنظم للدولة.
ورغم أن الموافقة النهائية على الإطلاق لم تصدر بعد، يبقى المشروع نقطة مرجعية أساسية. فإصدار عملة مستقرة من قبل بنك خاضع للتنظيم سيمثل أول اختبار واسع النطاق لقدرة ADI Chain على دعم الإصدار المصرفي، والامتثال، والتسوية، والموثوقية التشغيلية تحت إشراف البنك المركزي.
كما تعكس هذه المبادرة طبيعة تطور مشاريع البنية التحتية الكبرى؛ إذ تبدأ عادةً بتوافقات استراتيجية واسعة، ثم تتجه تدريجياً نحو التركيز على التنفيذ، وتسلسل الموافقات التنظيمية، والاستعداد التشغيلي. وفي هذه المرحلة، يصبح التنفيذ هو العنوان الأبرز.
وإذا ما أصبحت ADI Chain فعلاً البنية الحاملة لعملة مستقرة مصرفية منظمة، فإن كثيراً من الجدل الحالي حول الرموز والسرعة والسرديات سيفقد أهميته. فالبنية التحتية ستكون قد أثبتت جدواها في المكان الأكثر حساسية.

السرعة.. الظهور.. ومعادلة الثقة

مع دخول ADI مرحلتها التشغيلية، يتحول التركيز بطبيعته من الأشخاص والإعلانات إلى هياكل الحوكمة، وآليات المساءلة، والشفافية على السلسلة — وهي المجالات التي تُبنى أو تُفقد فيها الثقة الحقيقية بالبنية التحتية.

السرعة تجلب الظهور، لكن الثقة تتراكم بمرور الوقت.
من خلال إنجاز محطات أساسية خلال عام واحد، سرّعت ADI وتيرة الاهتمام بمنظومتها. ومع هذا الاهتمام، ترتفع التوقعات. فبوجود شبكة عاملة، ورمز متداول، وشركاء مؤسسيين معروفين، لم تعد ADI تُقيَّم كمبادرة ناشئة، بل كبنية تحتية عاملة.
ويظهر هذا الوعي أيضاً في قرار ADI فتح أنظمتها الحية أمام التدقيق الأمني الخارجي عبر برامج مكافآت لاكتشاف الثغرات، في إقرار بأن السرعة والحجم يجلبان تعقيداً، وأن البنية التحتية المسؤولة تُبنى عبر كشف الأخطاء وتصحيحها علناً، لا عبر افتراض الكمال.
في هذه المرحلة، لم تعد البيانات الصحفية هي المعيار، بل ما يمكن ملاحظته فعلياً على السلسلة: المشاركة في الحوكمة، سلوك المدققين، أنماط المعاملات، والنشاط الاقتصادي الحقيقي. وهذا التحدي لا يخص ADI وحدها، بل يرافق أي مشروع ينتقل من الرؤية إلى التنفيذ.
وهنا تصبح الشفافية ميزة حقيقية. فحين تكون الأنظمة عاملة ومرئية، تُبنى المصداقية بهدوء، كتلة بعد كتلة.

من الإنجاز إلى الاستدامة

قياساً إلى خارطة الطريق الأصلية، حققت مؤسسة ADI محطاتها الأساسية في عامها الأول بوضوح. شبكة رئيسية عاملة، إدراج فوري للتوكن على منصات كبرى، وشراكات مع مديري أصول عالميين، كلها مؤشرات تضع المشروع في موقع متقدم مقارنةً بالعديد من مبادرات البنية التحتية التي تستغرق سنوات أطول للوصول إلى هذه المرحلة.
لكن المرحلة المقبلة أقل ارتباطاً بالسرعة، وأكثر ارتباطاً بالاستدامة: كيف تنضج أطر الحوكمة، كيف تتوسع حالات الاستخدام، وكيف تندمج البنية التحتية بهدوء داخل الأنظمة التي صُممت لخدمتها.
حتى الآن، تجاوزت ADI عتبة مهمة. فقد انتقلت من طرح فكرة إلى العمل تحت أنظار المؤسسات والجهات التنظيمية والأسواق. ومن هذه النقطة فصاعداً، تصبح السلسلة نفسها هي السردية الأساسية، وغالباً ما يكون ذلك أقوى موقع يمكن أن تحتله أي بنية تحتية.

وليد أبو زكي

المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة آنلوك بلوكتشين-Unlock Blockchain والمدير التنفيذي لشركة الاقتصاد والأعمال. حائز على إجازة في إدارة الأعمال من جامعة بيروت العربية، عمل في المجال المصرفي لسنوات، لينتقل بعدها للعمل في مجلة الاقتصاد والأعمال كمحرر متخصص في القطاع المالي والمصرفي، وأشرف على إدارة وتأسيس العديد من المؤتمرات الاقتصادية في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى