“فيزا” تعزّز حضورها في مجال العملات المستقرة عبر إطلاق قسم استشاري متخصص

تُقدِم فيزا خطوة حاسمة نحو تبنّي العملات المستقرة، في إشارة واضحة إلى أن الدولارات القائمة على تقنية البلوكتشين لم تعد مجرّد تجربة محدودة، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا ومتنامي الأهمية ضمن البنية التحتية العالمية للمدفوعات.
وفي هذا السياق، أطلقت عملاقة المدفوعات قسمًا استشاريًا عالميًا متخصصًا بالعملات المستقرة، يهدف إلى مساعدة البنوك والتجّار وشركات التكنولوجيا المالية على تطوير ونشر وتشغيل منتجات قائمة على هذه العملات. وتركّز هذه المبادرة على معالجة التحديات العملية التي تواجه المؤسسات عند انتقالها من مرحلة الاستكشاف إلى التنفيذ الفعلي، بما يشمل تصميم المنتجات، والاعتبارات التنظيمية، وتكامل التكنولوجيا، إلى جانب وضع استراتيجيات التسويق المناسبة.
وإلى جانب ذلك، تؤكد فيزا أن المجموعة الاستشارية الجديدة ستوفر برامج تدريب مُنظمة، ومعلومات سوقية متخصصة، إضافةً إلى دعم تقني متكامل. ويعكس هذا التوجه الطلب المتزايد من المؤسسات المالية التقليدية التي تسعى للمشاركة في منظومة المدفوعات القائمة على العملات المستقرة، من دون الحاجة إلى بناء البنية التحتية بالكامل من الصفر.
ويُشير إنشاء قسم استشاري مستقل إلى أن العملات المستقرة بلغت مستوى من النضج يبرّر اعتمادها كخط أعمال دائم ضمن واحدة من أكبر شبكات المدفوعات في العالم. فبدل أن تكون هذه الخطوة رهانًا مضاربيًا، تستند إلى بنية تحتية عملت فيزا على تطويرها بهدوء على مدى سنوات، تشمل أكثر من 130 برنامج بطاقات مرتبطة بالعملات المستقرة تعمل في أكثر من 40 دولة، إضافةً إلى مليارات الدولارات من حجم التسويات السنوية باستخدام رموز مدعومة بالدولار الأميركي.
أما بالنسبة للمؤسسات المالية، فقد باتت جاذبية العملات المستقرة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. فهي تَعِد بتسويات أسرع، وتكاليف أقل، وكفاءة أعلى في المدفوعات العابرة للحدود مقارنةً بالأنظمة التقليدية. وبناءً على ذلك، تدرس بعض البنوك حاليًا سبل دمج الدولارات المُقوّمة على البلوكتشين ضمن استراتيجيات أشمل، تهدف إلى خدمة قواعد مستخدمين عالمية واسعة بفعالية أكبر.
هذا ويأتي إعلان فيزا في خضم تحوّل أوسع يشهده تعامل الشركات الكبرى مع تقنية البلوكتشين. ففي حين كان تبنّي العملات الرقمية في مراحله الأولى مدفوعًا بشكل رئيسي بالأصول شديدة التقلب، تركّز الموجة الحالية على العملات المستقرة بوصفها وسيلة تبادل عملية وقابلة للاستخدام اليومي. وتُسوّق شركات التكنولوجيا المالية الكبرى الرموز المدعومة بالدولار على أنها أداة وظيفية، لا أصلًا مضاربيًا.
وفي هذا الإطار، أطلقت شركة “سترايب” خدمات حسابات ومدفوعات بالعملات المستقرة بهدف تبسيط المدفوعات العالمية للمنصات وصنّاع المحتوى. كما تعمل باي بال على توسيع استخدام ممثلها الرقمي المُقوّم بالدولار ضمن منظومتها، بما في ذلك مدفوعات المبدعين داخل الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته، تواصل أنظمة التسوية المؤسسية، مثل نظام JPMorgan القائم على تقنية البلوكتشين، اكتساب زخم متزايد بين كبرى المؤسسات المالية.
ويُعيد هذا التطور رسم الافتراضات التقليدية في سوق العملات الرقمية. فمع تنامي استخدام الدولارات المُقوّمة على البلوكتشين، بدأت هذه العملات تحل محل أدوار كانت تُنسب سابقًا إلى البيتكوين، لا سيما في المدفوعات اليومية والأسواق الناشئة. وقد أقرّ بعض مراقبي السوق بأنه، ورغم احتفاظ البيتكوين بجاذبيته كمخزن للقيمة على المدى الطويل، فإن العملات المستقرة باتت تُلبّي احتياجات المعاملات بشكلٍ أكثر فاعلية.
وتُجسّد خطوة فيزا هذا التمايز بوضوح. فمن خلال تقديم المشورة للبنوك وشركات التكنولوجيا المالية حول استراتيجيات العملات المستقرة، تُكرّس الشركة عمليًا الدولارات المُقوّمة على البلوكتشين كأحد الأشكال المهيمنة للمال الرقمي المستخدم في المدفوعات.
وبالتوازي مع ذلك، يبدو أن البيتكوين يستقر تدريجيًا في موقعٍ أكثر وضوحًا بوصفه أصلًا للتحوّط وضمانًا للقيم الكبيرة، أو ما يُعرف بـ«الذهب الرقمي»، بدلًا من كونه وسيلة تبادلٍ يومية.



