العملات المستقرة تقترب من حاجز التريليون دولار مدفوعة بالعائد الرقمي

يتوقع أحد المسؤولين التنفيذيين أن يتجاوز حجم سوق العملات المستقرة ثلاثة أضعاف مستواه الحالي ليصل إلى نحو تريليون دولار أميركي متداول خلال العام المقبل، مدفوعًا بتسارع تبنّي المؤسسات لهذه الأصول، وظهور ممثلات رقمية جديدة مدرّة للدخل، إلى جانب التحسّن الملحوظ في كفاءة المدفوعات العابرة للحدود.
وفي هذا السياق، قالت المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية للعمليات في شركة “بوتانيكس لابز”، “أليسيا بينتر”، المطوّرة لمنصات التمويل اللامركزي القائمة على بيتكوين: “سيتمثل التحول الأكبر في الانتقال من العملات المستقرة الثابتة إلى العملات المستقرة المدرّة للدخل، وكذلك إلى الدولارات الرقمية المدعومة بأصول حقيقية”.
وأضافت “بينتر”: “أكثر من 20% من العملات المستقرة النشطة ستتضمن بحلول عام 2026 ميزات مدمجة لتوليد العائد أو قابلية البرمجة”، مشيرة إلى أن هذا التوجه من شأنه تسريع عمليات التسوية عبر الشبكات، وأنظمة كشوف المرتبات، وحركة التجارة الدولية”.
وفي خطوة أبعد من ذلك، أوضحت “بينتر” أن المستخدمين سيبدؤون في “التعامل مع الدولارات الرقمية كأدوات ادخار، وليس مجرد أرصدة ثابتة”، لا سيما ضمن الأنظمة البيئية المرتبطة ببيتكوين، حيث يُنظر بالفعل إلى الأصول الموجودة على الشبكة على أنها مخازن طويلة الأجل للقيمة.
وتعكس بيانات السوق هذا النمو المتسارع، إذ تُظهر أرقام منصة “ديفي لاما” أن القيمة الإجمالية لسوق العملات المستقرة تبلغ حاليًا نحو 310 مليارات دولار أميركي، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق. وتتصدر عملة USDT التابعة لشركة “تيذر” المشهد بحصة سوقية تقارب 60%، أي ما يعادل 186 مليار دولار، تليها عملة USDC التابعة لشركة “سيركل” بقيمة 78.5 مليار دولار.
وتُستكمل قائمة أكبر خمس عملات مستقرة مرتبطة بالدولار الأميركي بكل من عملة USDe التابعة لشركة Ethena بقيمة 6.6 مليارات دولار، وعملة USDS التابعة لشركة Sky Dollar بقيمة 6.4 مليارات دولار، إضافة إلى عملة DAI التابعة لشركة MakerDAO بقيمة 4.6 مليارات دولار.
ورغم استمرار توسّع سوق العملات المستقرة بوصفه قطاعًا فرعيًا متناميًا، ترى بينتر أن التركيز بات ينصبّ بشكل متزايد على الأدوات القابلة للبرمجة، التي يمكن دمجها بسهولة في أنظمة الدفع، ومنتجات الخزينة الرقمية، وتطبيقات التكنولوجيا المالية.
وفي هذا الإطار، قالت: “ستطالب المؤسسات بعملات مستقرة تتجاوز وظيفتها مجرد الاحتفاظ بالقيمة بشكل خامد، كما ستزداد شعبية نماذج العائد المدعومة بضمانات قائمة على بيتكوين”. وأضافت أن “المؤسسات ومنصات التكنولوجيا المالية بدأت بالفعل بدمج العملات المستقرة كأدوات للدفع والتسوية”.
ولفتت إلى أن منصة “سيركل” عالجت أكثر من 12 تريليون دولار أميركي من حجم معاملات USDC على شبكة البلوكتشين خلال عام 2023، في مؤشر واضح على سرعة تحوّل العملات المستقرة إلى بنية تحتية مالية أساسية.
إلى جانب ذلك، يبرز عامل آخر يتمثل في صعود سندات الخزانة الأميركية الرقمية، التي تجاوز حجم معروضها 3 مليارات دولار هذا العام، أي بزيادة تقارب عشرة أضعاف خلال نحو عامين، ما يعكس إقبالًا مؤسسيًا متزايدًا على الدولارات الرقمية المدعومة بعائدات.
ويستند هذا الطلب المتنامي على الأصول عالية العائد والمسوّاة عبر شبكات البلوكتشين إلى ما يُعرف بالدولارات الاصطناعية، مثل USDe وUSDf، وهي عملات مستقرة لا تعتمد على الدولارات المادية أو الديون الحكومية للحفاظ على ارتباطها بالدولار، بل تجمع بين أصول مثل الإيثيريوم أو بيتكوين ومراكز المشتقات.
وفي هذا السياق، أشارت بينتر إلى أن التحديثات التي شهدتها شبكات البلوكتشين الرئيسية، بما في ذلك الشبكات الجديدة المبنية على بيتكوين وحلول توسيع نطاق إيثيريوم، أسهمت في خفض الرسوم وزيادة السرعة، “ما يجعل العملات المستقرة أكثر ملاءمة للاستخدام في المدفوعات اليومية”.
وأكدت أن النمو المستقبلي لن يكون نتيجة زيادة الاستخدام فحسب، بل سيأتي أيضًا من خلال تصاميم أكثر تطورًا للعملات المستقرة، تُدمج العائد مباشرة ضمن الأرصدة نفسها. وقالت: “لن يحتاج المستخدمون بعد الآن إلى التنقل بين العملة المستقرة ومنتج عائد منفصل، إذ ستؤدي العملة المستقرة الوظيفتين معًا”.
وفي الختام، شددت بينتر، على أن العملات المستقرة المدرّة للعائد تُعد جذابة بشكل خاص في الأسواق الناشئة التي تعاني معدلات تضخم مرتفعة. وأوضحت أن في الاقتصادات التي يتجاوز فيها التضخم السنوي 20%، يصبح الدولار ذو العائد خيارًا طبيعيًا للمدخرات الشخصية وإدارة خزائن الشركات الصغيرة، وغالبًا ما يشكّل بوابة أولى نحو بيتكوين.




