صعود لافت للبيتكوين قبل قرار الفيدرالي… والأسواق تترقب العواقب

ارتفع سعر البيتكوين إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع مساء الثلاثاء، مسجّلًا ما وصفه محللو شركة “سانتيمينت” المتخصصة في تحليل بيانات البلوكتشن بـ”انتعاشٍ مُلحّ”، أعاد إحياء موجة من التفاؤل على منصات التواصل الاجتماعي. غير أنّ هذا الارتفاع السريع لم يدم طويلًا، إذ تزايدت التحذيرات من أن حالة عدم اليقين الاقتصادي الكلي، ولا سيما قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي المرتقب بشأن أسعار الفائدة، قد تُطلق موجة جديدة من التقلبات في سوق الأصول الرقمية.
فقد قفز سعر البيتكوين لفترة وجيزة إلى 94,625 دولارًا أميركيًا على منصة “كوين بيس” خلال أواخر تداولات الثلاثاء، وهو أعلى مستوى للمؤشر منذ 25 نوفمبر، بحسب بيانات “تريدينغ فيو”. هذا الصعود المفاجئ أثار ما وصفته “سانتيمينت” بـ”انفجار” في التعليقات على الإنترنت، حيث كثرت عبارات مثل “أعلى” و”فوق”، في إشارة إلى أن المتداولين عادوا إلى السوق بدافع الخوف من فوات الفرصة، مع توقعات بارتفاعات إضافية.
إلا أن هذا الحماس سرعان ما بدأ بالتراجع. فبحلول وقت كتابة التقرير، انخفض السعر إلى نحو 92,530 دولارًا أميركيًا، لتثور تساؤلات بين المحللين حول ما إذا كانت الحركة الأخيرة تمهّد لمرحلة صعود أوسع، أم أنها مجرد ارتفاع عابر لا يعكس اتجاهاً مستدامًا. وفي هذا السياق، أشارت “سانتيمينت” إلى أن “الأسواق تتحرك عكس سلوك صغار المتداولين”، بما يوحي بأن التراجع السريع قد يكون ردّة فعل على موجة تفاؤل مفرط بين المتداولين الأفراد.
ويتزامن هذا التحرك السعري مع ترقّب واسع لقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، وهو عامل أساسي يُعتقد أنه لعب دورًا في دعم قوة البيتكوين خلال الساعات الماضية. وتُظهر بيانات العقود الآجلة من مجموعة “CME” احتمالًا مرتفعًا بنسبة 88.6% لخفض الفائدة بمقدار 0.25%، وهو ما أعطى بعض الزخم للسوق على المدى القصير.
وفي هذا الإطار، قال جيف ماي، الرئيس التنفيذي للعمليات في بورصة “BTSE”، لموقع “كوينتلغراف” إنّ ارتفاع البيتكوين “من المرجّح أن يكون مدفوعًا بتوقعات خفض سعر الفائدة”، لكنه أضاف أنّ التكهن بما سيحدث بعد اجتماع الفيدرالي يظل صعبًا للغاية. وحذّر من أن أي تردد من قبل الاحتياطي الفيدرالي بشأن خفض إضافي لأسعار الفائدة مطلع عام 2025 قد يؤثر سلبًا على أسواق العملات الرقمية. وتشير بيانات “CME” أيضًا إلى احتمال بنسبة 21.6% لخفض آخر بمقدار ربع نقطة مئوية في يناير.
كما نبّه ماي إلى ضرورة توخي الحذر، مستذكرًا واقعة سابقة ارتفع فيها سعر البيتكوين بعد خفض الفائدة، قبل أن يهبط سريعًا عندما أبدى الفيدرالي مخاوف بشأن التضخم. وقد أيّد هذا الطرح محللون آخرون، من بينهم المعلق المعروف باسم “سايكوديليك”، الذي وصف تحركات السوق المتوقعة بعد قرار لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بأنها “شديدة التقلب”.
وبينما رحّب بعض المتداولين بالارتفاع الأخير، أعرب آخرون عن شكوكهم بشأنه. فقد وصف المستثمر المخضرم في البيتكوين المعروف باسم “NoLimit” هذه الحركة بأنها “تلاعبٌ صريح”، قائلًا لمتابعيه البالغ عددهم 53 ألفًا على منصة X إن الارتفاع “لا يبدو طبيعيًا على الإطلاق”، مشيرًا إلى ضعف الطلبات المتاحة وسهولة دفع السعر إلى الأعلى، بالإضافة إلى سلسلة من أوامر الشراء الكبيرة التي تركزت خلال مدة قصيرة.
وأضاف أن الارتفاع افتقر إلى الاستمرارية، إذ تبعه “توقف فوري” بدلًا من حركة صاعدة ممتدة، معتبرًا أن ما حدث يشبه عملية تضخيم مدروسة تهدف إلى إثارة الخوف من فوات الفرصة (FOMO)، ليتسنى لكبار المستثمرين البيع عند مستويات أفضل.
ومع استمرار تداول البيتكوين دون ذروته المؤقتة يوم الثلاثاء، تتجه أنظار السوق الآن نحو قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهو حدث يُتوقع أن يرسم ملامح الحركة المقبلة للعملة الرقمية، إما بتعزيز مسار الانتعاش أو بدفعها نحو مزيد من التراجع خلال الأيام المقبلة.


