تعافي سوق الكريبتو يواجه الجمود السياسي وصناديق التداول الفورية مؤجلة
شهد سوق العملات الرقمية العالمي انتعاشًا قويًا، متجاوزًا حاجز 4 تريليونات دولار بعد موجة بيع حادة الأسبوع الماضي، على الرغم من استمرار الجمود السياسي في واشنطن وتأخير القرارات المنتظرة بشأن العديد من صناديق التداول الفورية في منصات العملات الرقمية.
إيثيريوم وBNB وDOGE تقود انتعاش السوق
تصدرت عملات الإيثيريوم (ETH)، وBNB، والدوجكوين (DOGE) انتعاش نهاية الأسبوع، حيث حققت مكاسب مزدوجة الأرقام، مع اندفاع المتداولين للشراء عند انخفاض الأسعار. ووفقًا لبيانات كوين جيكو، ارتفع الإيثيريوم بأكثر من 10%، وقفز BNB بنحو 14%، والدوجكوين بنسبة 12% خلال 24 ساعة. كما شهدت عملات سولانا (SOL)، وكاردانو (ADA)، وتشينلينك (LINK) زخمًا قويًا، حيث ارتفعت كل منها بأكثر من 10%.
وجاء هذا الانتعاش عقب انهيار مفاجئ أفقد السوق ما يقرب من نصف تريليون دولار لفترة وجيزة، نتيجة التوتر الجيوسياسي الذي أعقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة. وقد دفع هذا الإعلان بيتكوين (BTC) إلى الانخفاض إلى ما دون 103,000 دولار مؤقتًا.
وزادت حدة الاضطراب أيضًا بسبب أخطاء مؤقتة في منصة بينانس عند عرض أسعار العديد من العملات الرقمية، بالإضافة إلى فقد الدولار الأميركي الرقمي (USDe) ارتباطه لفترة وجيزة نتيجة خلل داخلي في نظام أوراكل. ومع ذلك، بدأت الثقة تعود تدريجيًا بمجرد أن خفف ترامب من حدة تصريحاته، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “تريد مساعدة الصين، لا إيذاءها”.
واعتبارًا من صباح يوم الاثنين، كان سعر بيتكوين يتداول عند حوالي 115,000 دولار، وهو لا يزال أقل من أعلى مستوى سجله الأسبوع الماضي، لكنه بعيد عن أدنى مستوياته، مع تحول معنويات السوق إلى تفاؤل حذر. ويشير المحللون إلى أن الأصل قد يختبر مستويات قياسية جديدة قبل نهاية العام إذا استمر الوضع الصعودي الحالي.
وأشار خبير استراتيجيات العملات الرقمية، السيد كريبتو، إلى أن بيتكوين “تعيد اختبار التقاطع الذهبي”، وهو نمط فني صعودي تاريخي سبق ارتفاعات كبيرة في دورات السوق السابقة. في المقابل، صرّح سامسون مو، مؤسس Jan3، بأن “الوقت قد حان للدفعة التالية لبيتكوين”، مؤكدًا تنامي الشعور بأن المرحلة التالية من السوق الصاعدة ربما بدأت بالفعل.
اللاعبون المؤسسيون يشترون عند الانخفاض
في الوقت عينه، استغل اللاعبون المؤسسيون التراجع في السوق، إلى جانب متداولي التجزئة الذين عادوا للشراء. فقد أفادت التقارير بأن شركة BitMine Immersion Technologies، أكبر حائزي عملات الإييثريوم في خزائنها، اشترت أكثر من 128,000 إيثيريوم بقيمة تقارب 480 مليون دولار خلال موجة البيع.
ووصف توم لي، الرئيس التنفيذي لشركة BitMine، هذا التصحيح بأنه “تدفق إيجابي”، مؤكدًا لشبكة CNBC أن التقلبات قصيرة الأجل دون وجود ضعف هيكلي غالبًا ما تمثل “فرصة شراء جيدة”. وربما تكون شركة Strategy، المُركزة على البيتكوين، قد حذت حذوها، حيث ألمح رئيسها التنفيذي مايكل سايلور إلى عملية شراء أخرى في منشور بعنوان “لا تتوقفوا عن الإيمان”، إلى جانب رسم بياني يوضح حيازات الشركة من البيتكوين. وفي الوقت ذاته، كشفت شركة MARA Holdings، المتخصصة في تعدين البيتكوين، عن شراء 400 بيتكوين بقيمة تقارب 46 مليون دولار يوم الأحد.
قرارات صناديق التداول الفورية معطلة بسبب إغلاق الحكومة الأميركية
على الرغم من ارتفاع الأسعار، يواجه قطاع العملات الرقمية في الولايات المتحدة نوعًا مختلفًا من عدم اليقين، وهو الشلل السياسي. فقد أدى إغلاق الحكومة الفيدرالية المستمر، الذي دخل أسبوعه الثالث، إلى تجميد العمليات التنظيمية الرئيسية، بما في ذلك الموافقة على ما يصل إلى 16 صندوقًا متداولًا للعملات الرقمية قيد الانتظار.
وتعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC)، المشرفة على طلبات صناديق التداول الفورية، بالموظفين الأساسيين فقط، بينما يظل الكونغرس في حالة جمود بشأن مفاوضات الميزانية. ومع غياب حل واضح في الأفق، تمر المواعيد النهائية لاتخاذ القرارات بشأن العديد من صناديق الاستثمار، بما في ذلك الصناديق التي تتبع سولانا، وريبل، ولايتكوين، ودوجكوين، دون أي إجراء.
وعلّق نيت جيراسي، محلل صناديق التداول الفورية من شركة نوفاديوس لإدارة الثروات، على موقع X قائلاً: “بمجرد انتهاء الإغلاق الحكومي، ستُفتح أبواب صناديق الاستثمار المتداولة الفورية للعملات الرقمية على مصراعيها”، متوقعًا موجة من الموافقات التي قد تُعيد تشكيل أسواق العملات البديلة.
الجمود السياسي وجاذبية العملات الرقمية الأوسع
يشكل الإغلاق الحكومي الحادي عشر في تاريخ الولايات المتحدة والأول منذ عام 2019 مؤشرًا على الانقسامات الحزبية المستمرة حول أولويات الإنفاق. يسعى الجمهوريون إلى خفض البرامج الفيدرالية وتقليل الدين العام، الذي تجاوز مؤخرًا 37.8 تريليون دولار، بينما يسعى الديمقراطيون إلى الحفاظ على تمويل الرعاية الصحية والإعفاءات الضريبية للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
إلى أن يُقرّ الكونغرس مشروع قانون تمويل جديد أو قرارًا مؤقتًا، ستظل هيئات مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) مغلقة جزئيًا، مما يترك قطاع العملات الرقمية في حالة ركود. ويرى العديد في هذا المجال أن الوضع يعزز جاذبية العملات الرقمية كبديل للأنظمة التقليدية المعرضة للاضطرابات السياسية. وكما قال أحد المحللين: “من المفارقات أن الجمود المالي الذي يؤخر موافقات صناديق التداول الفورية هو بالضبط ما يدفع المستثمرين نحو الأصول اللامركزية مثل بيتكوين”.
