الإغلاق الحكومي الأميركي يدخل أسبوعه الثاني ويشلّ عمل الهيئات التنظيمية

امتد الإغلاق الحكومي الأميركي إلى أسبوعه الثاني، تاركًا الوكالات الفيدرالية الرئيسية، بما في ذلك هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) وهيئة تداول السلع الآجلة (CFTC)، تعمل بأعداد محدودة من الموظفين وبوظائف مُقلّصة.
بدأت الأزمة عقب فشل الكونغرس في إقرار قانون تمويل قصير الأجل يضمن استمرار عمل الحكومة بعد 30 سبتمبر. ومع غياب أي اتفاق في الأفق، أُجبر آلاف الموظفين الفيدراليين على إجازة مؤقتة، فيما واصل آخرون العمل من دون أجر، الأمر الذي زاد من حدة التوتر السياسي في واشنطن.
استمرار الجمود التشريعي
حتى يوم الاثنين، لم يتمكن المشرّعون من التوصل إلى اتفاق ينهي الإغلاق. وكان من المقرر أن يصوت مجلس الشيوخ على قرار استمرار التمويل عند الساعة 5:30 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، غير أن حالة من عدم اليقين خيّمت على المشهد بشأن ما إذا كان القرار سيحظى بدعم الحزبين. ويصرّ الديمقراطيون على أن تتضمن أي حزمة إنفاق إلغاءً لتخفيضات الرعاية الصحية التي أُقرت في يوليو، بينما يرفض الجمهوريون إضافة نفقات جديدة من دون إصلاحات مالية أوسع. وقد أدى هذا الجمود إلى تقليص قدرة معظم مؤسسات الحكومة الفيدرالية على العمل بفاعلية.
التأثير على الجهات التنظيمية المالية وهيئات العملات الرقمية
أكدت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أنها ستواصل عملها “في ظل ظروف معدلة”، مع تقليص كبير في عدد القوى العاملة، حيث يتركز النشاط على وظائف حيوية مثل مراقبة السوق وإنفاذ القوانين. إلا أن هذا الوضع يعني عمليًا أن مراجعات الملفات المتعلقة بالعملات الرقمية، بما في ذلك طلبات صناديق بيتكوين المتداولة الفورية، ستظل مُعلّقة حتى استئناف التمويل الطبيعي.
من جانبها، تواجه هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC)، التي لا تضم سوى مفوض واحد بالإنابة، صعوبات مماثلة. فالنقص في الموظفين والقيادة قد يؤخر وضع القواعد وإجراءات الإنفاذ، ويعرقل التقدم الأوسع في تنظيم الأصول الرقمية.
وفي هذا السياق، قال برزيميسلاف كرال، الرئيس التنفيذي لبورصة العملات الرقمية “زونداكريبتو”: “يمكن أن يُلحق الإغلاق الحكومي الأميركي الضرر بقطاع العملات الرقمية من خلال تعطيل عمل هيئة الأوراق المالية والبورصات وهيئة تداول السلع الآجلة، وهما جهتان أساسيتان لأسواق الأصول الرقمية العالمية”. وأضاف: “قد يبدو التأثير الفوري محدودًا، لكن استمرار الجمود يهدد بتعطيل الابتكار وتقويض ثقة المستثمرين”.
التداعيات السياسية والتنظيمية
يزيد الإغلاق الحكومي أيضًا من تعقيد الجهود الرامية إلى دفع مشروع قانون هيكل سوق الأصول الرقمية، وهو الإطار الذي طال انتظاره لتنظيم العملات الرقمية في الولايات المتحدة. ومع توقف أعمال الكونغرس، بات التقدم في هذا التشريع مُجمّدًا فعليًا.
وزاد من حالة الغموض قرار البيت الأبيض سحب ترشيح برايان كوينتنز لرئاسة لجنة تداول السلع الآجلة، بعد معارضة من شخصيات بارزة في القطاع، مثل مؤسسي “جيميني”، كاميرون وتايلر وينكلفوس. وترك هذا القرار الوكالة دون اتجاه واضح، في وقت تمر فيه بواحدة من أكثر فتراتها التشغيلية تقييدًا منذ سنوات.
الأسواق تراهن على مواجهة مطوّلة
تشير أسواق التنبؤات إلى أن المستثمرين يقدّرون احتمال استمرار الإغلاق لفترة طويلة. ففي منصة “كالشي”، رأى المتداولون أن هناك فرصة تقارب 70% لاستمرار الإغلاق أكثر من 15 يومًا، بينما قدّر مستخدمو “بولي ماركت” احتمالًا بنسبة 24% لتجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 35 يومًا، والذي وقع خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.
وعلى الرغم من أن التأثير الفوري على الأسواق المالية لا يزال محدودًا، حذّر محللون من أن إطالة أمد الإغلاق قد يضرّ بثقة المستثمرين، ويؤخر الموافقات التنظيمية، ويبطئ جهود التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة.