دعوات لإنشاء بنك رقمي في روسيا لمواجهة المعاملات غير المشروعة

تتزايد الدعوات في موسكو لإنشاء بنك مخصص للتعامل بالعملات الرقمية، في خطوة تهدف إلى تنظيم هذا القطاع والحد من التدفقات المالية غير القانونية. وتأتي هذه المطالبات بينما تناقش هيئات استشارية مع الوزراء والمشرّعين الروس سبل تطوير تشريعات جديدة تواكب التطورات العالمية.
وفي هذا السياق، طرح عضو الغرفة المدنية في الاتحاد الروسي، يفغيني ماشاروف، فكرة تأسيس بنك رقمي خاص، مؤكدًا أن مثل هذا الكيان سيُسهم في معالجة مشكلات بمليارات الروبلات ناجمة عن المدفوعات غير المشروعة. ويرى ماشاروف أن وجود منصة تداول رسمية للأصول الرقمية سيوفر مصدرًا إضافيًا للإيرادات في ميزانية الدولة، كما سيمنح مُعدّني العملات فرصة لبيع ما يسكّونه بصورة قانونية ومنظمة.
وأشار ماشاروف، في تصريحات نقلتها وكالة تاس، إلى أن البنك الجديد لن يقتصر دوره على تسهيل المعاملات الرقمية فحسب، بل سيساعد أيضًا في مكافحة الاحتيال وقطع قنوات التمويل غير المشروع، التي تُستخدم أحيانًا لتجنيد المواطنين في أنشطة إجرامية خطيرة. ولفت إلى أن الكثير من الأموال الناتجة عن أنشطة غير قانونية تُحوَّل حاليًا إلى محافظ رقمية، ثم تُشرَّع لاحقًا عبر شراء عقارات وسلع فاخرة.
وضمن عرضه لفكرته، أوضح ماشاروف أن التسويات داخل البنك ينبغي أن تُدار بالعملات الرقمية بشكل مباشر، على أن تُضاف الأموال فقط إلى الحسابات الجارية للعملاء. واستشهد بتجربة بيلاروسيا، الحليف الأقرب لموسكو، التي سبقت روسيا في هذا المجال عبر تنظيم اقتصادها الرقمي منذ أكثر من ثماني سنوات، بما في ذلك معاملات العملات الرقمية.
ويبدو أن مينسك تسير بخطوات متقدمة، إذ دعا الرئيس ألكسندر لوكاشينكو مؤخرًا إلى تحديث التشريعات القائمة، مسلطًا الضوء على الارتفاع القياسي في حجم المدفوعات الرقمية داخل بلاده في ظل العقوبات الغربية. وقد وافق بالفعل على مقترح لإنشاء بنك مخصص للعملات الرقمية، على أن يُعدّ البنك المركزي البيلاروسي، بالتعاون مع الحكومة، مسودة مرسوم رئاسي بهذا الشأن خلال شهر واحد.
في المقابل، ما زالت روسيا متأخرة في تنظيم المجال. فقد حظر قانون “الأصول المالية الرقمية”، الذي دخل حيّز التنفيذ قبل سنوات، بعض المعاملات مثل المدفوعات بالعملات الرقمية. ويُعتبر البنك المركزي الروسي أبرز المعارضين لفكرة تحرير التداول بالعملات الرقمية اللامركزية مثل بيتكوين، مكتفيًا حتى الآن بالسماح باستخدامها في تسويات التجارة عبر الحدود ضمن نظام قانوني تجريبي يخدم الشركات الخاضعة للعقوبات.
هذا ويرى خبراء أن الطريق لا يزال طويلاً أمام موسكو. إذ قدّر الخبير الاقتصادي سيرجي سويتين، أستاذ معهد العلاقات الاقتصادية الدولية في موسكو، أن احتمالية إدخال المدفوعات الرقمية إلى روسيا خلال السنوات الخمس المقبلة لا تتجاوز 1%. في حين تُظهر أرقام بيلاروسيا صورة مختلفة؛ حيث تجاوزت المدفوعات عبر منصات العملات الرقمية المرخّصة 1.7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، مع توقعات ببلوغ 3 مليارات دولار بنهاية 2025.