الإحتياطي الفيدرالي يدرس السماح لموظفيه بالاحتفاظ بالعملات الرقمية
صرّحت نائبة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشؤون الإشراف، “ميشيل بومان”، خلال مؤتمر حول العملات الرقمية عُقد في جاكسون هول يوم الثلاثاء، بأنها تُؤيد السماح لموظفي البنك المركزي بحفظ كميات صغيرة من هذه العملات. وأشارت إلى أن هذا المقترح، في حال طُرح رسميًا، قد يُغيّر القواعد الداخلية للاحتياطي الفيدرالي ويُثير جدلًا واسعًا حول كيفية تعامل المؤسسة مع الأصول الرقمية.
وفي كلمة مُعدّة مسبقًا خلال ندوة وايومنغ للبلوكتشين، أضافت بومان: “ينبغي أن يأخذ هذا النهج في الاعتبار السماح لموظفي الاحتياطي الفيدرالي بحفظ كميات ضئيلة من العملات الرقمية أو أنواع أخرى من الأصول الرقمية”.
وانتقلت “بومان” لتسليط الضوء على دور التمثيل الرقمي في تقليل الاحتكاكات بعمليات نقل الأصول، موضحةً كيف يُمكن لهذه التقنية أن تُبسط إجراءات تغيير الملكية، وتخفض التكاليف، وتُوسع نطاق الوصول إلى أسواق رأس المال. وأكدت أنه من المُحتمل أن نشهد قريبًا نقطة تحول تصبح فيها هذه العمليات جزءًا أساسيًا من المنظومة المالية، مع تحديث الأطر القانونية بما يسمح بمجموعة أوسع من الأنشطة القائمة على هذه التقنية.
غير أن “بومان” شددت في المقابل على أن التحديات لا ترتبط بالتطور التقني وحده، بل تشمل أيضًا ضرورة وجود أطر قانونية وتنظيمية تواكب الاستخدام العملي لهذه الأنظمة. وقالت: “نحن نقف عند مفترق طرق: إما أن نغتنم الفرصة لتشكيل المستقبل أو نخاطر بالتخلف عن الركب”.
وتعليقًا على تصريحاتها، رأى مراقبون أن حديث بومان يتجاوز إطار الصناعة والندوة إلى ما هو أبعد. فقد اعتبر فينسنت ليو، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة كرونوس ريسيرش، في حديث لموقع Decrypt، أن تصريحاتها تُلمّح إلى “نهج تنظيمي أكثر انفتاحًا وتوازنًا”، وتُظهر أن الاحتياطي الفيدرالي بدأ ينتقل من الحذر الشديد إلى الفضول العملي. وهو ما قد يُشير إلى أن الجهات التنظيمية الأميركية باتت تُفضّل الاعتماد على “الفهم العملي” بدلًا من “الحذر المحض”.
وفي السياق عينه، قال أندرو روسو، محامي الشؤون العامة والرئيس التنفيذي لشركة AR Media Consulting، لموقع Decrypt: “لا يمكن اعتبار تصريحات بومان مجرد كلام، بل إنها تمثل نقطة تحول في النهج التنظيمي الأميركي تجاه العملات الرقمية، وهو نهج لم يعد بالإمكان تجنبه كدولة”. وأضاف: “إنها لا تُشكك في كيفية الرقابة المالية فحسب، بل في أسبابها أيضًا”.
وأوضح روسو أن تبني مثل هذا الموقف يتطلب وجود أطر قانونية صارمة، ونقاشًا عامًا واسعًا، إضافة إلى إجراءات تشريعية أكثر فاعلية، وذلك لتحقيق التوازن بين الخبرة العملية وبين الحفاظ على أعلى معايير النزاهة والثقة العامة.
لكن مع ذلك، حذّر روسو من أن اقتراح بومان يطرح تساؤلات مشروعة حول تضارب المصالح. وقال: “لا يمكن للجهات التنظيمية تجنب خطر التحيز المُتصوَّر أو تراجع ثقة الجمهور إذا امتلك الموظفون بشكل مباشر حتى ولو بكميات صغيرة، من أصول مضاربة”.
وأردف: “إن التعرض العملي والملكية المباشرة للعملات الرقمية قد لا يكونان المسار الوحيد لتحقيق كفاءة تنظيمية فعّالة”.
وختم روسو بالإشارة إلى أن أحداثًا كبرى مثل قضية “إنرون” وفضيحة “سيلك روود” وانهيار “FTX” تُظهر بوضوح أن الأزمات المتكررة تكشف دائمًا عن مخاطر الاعتماد الأعمى على الخوف من الاستغلال، مما يُبرز ضرورة عدم إغفال هذه التجارب. وقال: “الإجابات أمامنا مباشرةً، وهي في الوقت نفسه بديعة ومُقلقة”.
