تقرير QFC: الشرق الأوسط يقود التمثيل الرقمي والتمويل اللامركزي المؤسسي

وفقًا لتقرير جديد صادر عن مركز قطر للمال، تبرز منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسرعة كلاعب رئيسي في اقتصاد الأصول الرقمية العالمي.
يُقدّم التقرير، الذي يحمل عنوان “تقرير الأصول الرقمية وتقنية البلوكتشين” (DAPR)، رؤية شاملة حول اتجاهات تبنّي تقنيات البلوكتشين، ويسلّط الضوء على الزخم المتسارع الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا المالية، والتمثيل الرقمي، والتمويل اللامركزي. ويُظهر التقرير أن هذه المنطقة أصبحت محورًا أساسيًا في التحوّل الرقمي العالمي.
الارتفاع السريع في نضج البلوكتشين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
بحسب التقرير، ينتقل مستوى تطوّر البلوكتشين في المنطقة من مرحلة “الناشئ” إلى “الناضج”، وهو تطوّر لافت يعكس جهودًا استراتيجية مدعومة حكوميًا، إلى جانب وجود أطر تنظيمية متقدمة، وارتفاع حجم الاستثمارات المؤسسية. وفي هذا السياق، تُعدّ دول مثل الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر من بين أبرز الدول التي تمضي قدمًا في رقمنة الخدمات المالية، وجذب المشاريع القائمة على البلوكتشين.
واللافت أن المنطقة تبرز كمركز للابتكار التنظيمي؛ فعلى سبيل المثال، أنشأت الإمارات جهات متخصصة، مثل سوق أبوظبي العالمي ومركز دبي المالي العالمي، لتيسير إجراءات ترخيص ورقابة مقدّمي خدمات الأصول الرقمية. أما قطر، فتُرسّخ مكانتها بشكل متزايد عبر مركز قطر للمال ومبادرات وطنية أخرى، كمنظومة جاذبة لمؤسسات الويب 3.0.
ويؤكد التقرير أن “مشهد الأصول الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم يعد هامشيًا، بل أصبح محوريًا في الحوار العالمي”.
منصة للتمثيل الرقمي والتمويل اللامركزي المؤسسي
يُعد التمثيل الرقمي من المحاور الجوهرية في الاستراتيجية الرقمية الإقليمية، حيث تعمل صناديق الثروة السيادية والمؤسسات المالية على استكشاف سبل دمج الأصول التقليدية ضمن شبكات البلوكتشين. ويُشير التقرير إلى أن الطلب على تمثيل الأصول الحقيقية رقمياً (RWA) يشهد نموًا ملحوظًا، لاسيما في قطاعات العقارات، والصكوك (السندات الإسلامية)، وتمويل البنية التحتية.
وفي موازاة ذلك، تزداد وتيرة الاهتمام بحلول التمويل اللامركزي المؤسسي. فبينما حظي التمويل اللامركزي القائم على قطاع التجزئة بنمو عالمي كبير، توجّهت أنظار المنطقة نحو التطبيقات المؤسسية المتوافقة، التي تدمج بين مزايا تقنية البلوكتشين والضمانات المالية التقليدية، ما يعكس نضجًا في التعامل مع الابتكارات المالية.
تدفقات رأس المال والموقع الاستراتيجي
يُبرز مركز قطر للمال أن أسواق رأس المال في دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بموقع فريد يسمح لها بلعب دور حلقة وصل بين الشرق والغرب. وبفضل روابطها القوية مع آسيا وأوروبا، وظهور شريحة متنامية من مستثمري التكنولوجيا المالية، تُشكّل المنطقة نقطة انطلاق مثالية لاختبار ونشر حلول الأصول الرقمية.
ورغم أن التقرير لم يقدّم أرقامًا تفصيلية بشأن نشر رأس المال، إلا أنه أشار إلى “تدفقات كبيرة عبر الحدود” في مجالات البنية التحتية، ومنصات التمثيل الرقمي، والخدمات المرتبطة بالعملات الرقمية، خاصة في أسواق مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
السياسات واللوائح: ميزة تنافسية
يؤكد التقرير أن الوضوح التنظيمي يُعدّ من أبرز عناصر التميّز في المنطقة. وعلى خلاف بعض الولايات القضائية ذات السياسات غير الواضحة أو المواقف التفاعلية، بادرت عدة حكومات في المنطقة إلى وضع أطر ترخيص واضحة للأصول الرقمية، فضلًا عن إنشاء بيئات تنظيمية تجريبية لتشجيع الابتكار.
كما يلفت التقرير إلى أن “الولايات القضائية التي ستنجح في هذا المجال هي تلك التي تُوازن بين الابتكار والرقابة الواضحة.” وهذا التوازن يُعدّ عامل جذب رئيسي للشركات الناشئة، ورؤوس الأموال الاستثمارية، والمؤسسات العالمية الباحثة عن بيئات مستقرة وواعدة.
الدور الاستراتيجي لقطر
باعتبارها الجهة الناشرة للتقرير، تُظهر قطر، ممثلةً بمركز قطر للمال، طموحًا واضحًا لتكون رائدة في تشكيل المستقبل الرقمي للمنطقة. فمن خلال إنشاء بيئة تنظيمية تمكّن شركات البلوكتشين من العمل بثقة، تأمل الدولة في اجتذاب مؤسسات Web3 وشركات التكنولوجيا المالية ذات القيمة العالية إلى اقتصادها الوطني.
كما يُبرز التقرير اتساق جهود قطر مع الاستراتيجيات الوطنية الأوسع مثل رؤية قطر 2030، ويُسلّط الضوء على السعي الحثيث لتعزيز بيئة أعمال رقمية ومبتكرة في المقام الأول، تُسهم في بناء اقتصاد مستدام ومعتمد على المعرفة.
الخلاصة
يرسم “تقرير الأصول الرقمية والبلوكتشين” الصادر عن مركز قطر للمال صورة واضحة لمستقبل المنطقة: لم تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طرفًا هامشيًا في ثورة الأصول الرقمية، بل أصبحت تبني بيئة تنظيمية متطورة، وجاذبة لرأس المال، ومهيأة لدعم نمو التمويل الرقمي.
ومع ازدياد اعتماد التقنيات مثل الترميز والتمويل اللامركزي، واستثمار الحكومات في تطوير البنية التحتية، تتجه المنطقة بخطى ثابتة نحو لعب دور قيادي في مستقبل الابتكار المالي العالمي.