تقرير رسمي جديد يكشف تفاصيل تقدم مشروع “الدرهم الرقمي” في الإمارات

في إطار الاستعدادات لإصدار العملة الرقمية الوطنية لدولة الإمارات وتعزيز التحوّل الرقمي المالي، أصدر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي تقريرًا شاملًا حول الدرهم الرقمي، استعرض فيه إنجازات محورية وتحليلات تقنية وتشريعية تمهد للإطلاق الرسمي للعملة الرقمية، وتدعم تبنيها على المستويين المحلي والدولي.
سلّط التقرير الضوء على المبادئ التوجيهية التي أرست الأسس الفنية والتنظيمية للدرهم الرقمي، بوصفه خطوة استراتيجية في إطار برنامج تحول البنية التحتية المالية (FIT)، الرامي إلى تحديث النظام النقدي وتعزيز جاهزية الدولة للاقتصاد الرقمي. وقد بيّن المصرف أن الدرهم الرقمي، بوصفه نسخة رقمية من العملة الوطنية، سيسهم في إجراء التسويات والمدفوعات الآمنة والفورية، مع الحفاظ على مستويات عالية من الأمان والثقة المرتبطة بالعملة المدعومة من البنك المركزي.
تم تصميم الدرهم الرقمي ليُطرح تدريجيًا من خلال نموذج توزيع ثنائي المستويات، تديره مؤسسات مالية مرخصة وشركات تكنولوجيا مالية، على أن يتم تشغيله عبر محافظ رقمية مخصصة. ويتميّز بكونه غير محمّل بفائدة لتجنّب التأثير على سلوكيات الادخار والإقراض، ما يرسّخ دوره كوسيلة دفع وليس كأداة استثمارية. وقد تم تطوير بنيته التحتية بالاعتماد على تقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT)، بما يضمن الخصوصية، وقابلية التتبع، وكفاءة المعاملات، فضلاً عن تكامل سلس مع الأنظمة المالية الحالية وشبكات الأصول الرقمية.
شهد يناير 2024 إصدار أول درهم رقمي كعملة قانونية، وتم استخدامه في تنفيذ أول عملية دفع عبر الحدود ضمن مشروع “الجسر – mBridge”، بالتعاون مع البنوك المركزية في الصين وتايلاند وهونغ كونغ. كما أجرى المصرف المركزي تجارب عملية شملت تطبيقات متعددة، منها: الملكية الجزئية للعقارات الرمزية، المحافظ السياحية الذكية لغير المقيمين، المدفوعات الاجتماعية القابلة للبرمجة، والمحافظ الفرعية التعليمية للأطفال. وأثبتت هذه التجارب قدرة الدرهم الرقمي على دعم الابتكار المالي وتسهيل الخدمات الحكومية والاجتماعية بكفاءة عالية.
ترافق هذا التقدّم مع خطوات تشريعية حاسمة، أبرزها تعديل المادة (56) من قانون المصرف المركزي، للاعتراف القانوني بالعملة الرقمية كوسيلة دفع رسمية إلى جانب العملة الورقية. كما تم استكمال مراجعة متكاملة للفجوات القانونية والتنظيمية، واعتماد قواعد تشغيل واضحة لمنصة الإصدار ومشروع mBridge لضمان الامتثال الكامل.
وأشار التقرير إلى أن أهداف المشروع تتجاوز النطاق المالي التقليدي، حيث يسعى المصرف إلى تعزيز الشمول المالي للفئات غير المتعاملة مع البنوك، وتحسين كفاءة أنظمة الدفع، ودعم استقرار السياسات النقدية، إلى جانب ترسيخ مكانة الإمارات كمركز مالي إقليمي قادر على تسهيل المدفوعات العابرة للحدود.
في المقابل، تناول التقرير عددًا من التحديات المحتملة مثل التأثير على الوساطة المصرفية، ومتطلبات الخصوصية، والأمن السيبراني، مع التأكيد على اتخاذ تدابير تنظيمية متقدمة، بما في ذلك حدود احتفاظ رقمية وتشفير صارم للبيانات، للتخفيف من هذه المخاطر.
وفي ما يتصل بالمرحلة المقبلة، يعتزم المصرف المركزي توسيع نطاق تطبيق الدرهم الرقمي من خلال شراكات استراتيجية ثنائية ومتعددة الأطراف، مع السعي إلى التكامل مع أنظمة عملات رقمية أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما يجري العمل على تطوير المحافظ الرقمية لتشمل أنماطًا أوسع من الاستخدام، مثل المعاملات بين الأفراد (P2P)، والمدفوعات التجارية والحكومية، بما يضمن دمج الدرهم الرقمي ضمن منظومة المدفوعات الوطنية بكفاءة واستدامة.
يمكن الاطلاع على التقرير الكامل الصادر عن المصرف من خلال الضغط هنا.
وتعليقاً على ذلك، قال محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، “معالي خالد محمد بالعمى”: “يمثّل الدرهم الرقمي مبادرة ريادية للمصرف المركزي في تشكيل مستقبل المال في دولة الإمارات، ويعد إنجازاً مهماً في مجال تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية عالمياً. سيسهم الدرهم الرقمي في تعزز البنية التحتية المالية الآمنة والفعالة لدولة الإمارات، وتطوير كفاءة منظومة المدفوعات، ودعم الاستقرار النقدي، وتوسيع الشمول المالي، وترسيخ مكانة الدرهم الإماراتي عالمياً. وأضاف معاليه: “سنواصل تقييم جوانب التصميم والتطوير في الدرهم الرقمي لضمان نجاح التنفيذ بشكل مستمر، وتحقيق أثره التحولي من خلال نهج ثابت ومدروس”.
كما يمكن الإطّلاع على الورقة التقنية المفصلة الداعمة للتقرير الإستراتيجي، بعنوان “الدرهم الرقمي: القضايا المختارة واعتبارات السياسة العامة” من خلال الضغط هنا.