MUFG تقود التحوّل العقاري الرقمي بتمثيل برج أوساكا رقمياً

تستعد مجموعة “ميتسوبيشي يو إف جيه” المالية (MUFG)، أكبر بنك في اليابان، لاتخاذ خطوة غير مسبوقة في قطاع العقارات، من خلال تحويل ناطحة سحاب في مدينة أوساكا إلى ممثلات رقمية بقيمة 100 مليار ين ياباني (681 مليون دولار أميركي). وتُعد هذه المبادرة واحدة من أكثر التطبيقات طموحًا لتقنية البلوكتشين في هذا القطاع داخل البلاد، ما يُمثّل تقاطعًا بارزًا بين التكنولوجيا الحديثة والاستثمار العقاري التقليدي.
وتقود هذه المبادرة الذراع المختص بالخدمات المصرفية الاستئمانية لدى MUFG، إذ تهدف إلى تحويل هذا المبنى الشاهق، الذي تم الاستحواذ عليه مؤخرًا، إلى صندوق استثمار عقاري خاص (REIT) موجّه للمستثمرين المؤسسيين، كالشركات التأمينية. وفي الوقت عينه، ستُتيح شراكة البنك مع منصة البلوكتشين “بروغمات” للمستثمرين الأفراد فرصة الوصول إلى ملكية جزئية في أصول عقارية أجنبية، من خلال أسهم رمزية تُعرض على منصات رقمية، مما يُشكل بُعدًا جديدًا وشاملًا لهذا المشروع.
التكنولوجيا تلتقي بالعقار التقليدي
من خلال اعتماد بنية تحتية قائمة على تقنية البلوكتشين، تسعى MUFG إلى تبسيط عدد من العمليات المعقدة التي تعيق عادةً قطاع العقارات، مثل الامتثال القانوني، والتحقق من الملكية، وتسوية المعاملات. إذ يمكن لهذه التقنية أن تُسهِم في تعزيز السيولة وخفض الحواجز المرتبطة بحجم رأس المال المطلوب عادةً لدخول السوق العقارية.
ورغم أن ناطحة السحاب في أوساكا ستظل مخصصة لكبار المستثمرين، إلا أن التعاون مع “بروغمات” يُمثّل نقلة نوعية تهدف إلى فتح أسواق العقارات العالمية أمام المستثمرين الأفراد. ويُتيح تمثيل العقارات الأجنبية رقمياً للبنك تجاوز بعض القيود التنظيمية داخل اليابان، مع الاستفادة من تنامي الطلب العالمي على أدوات استثمارية أكثر مرونة وسهولة في الوصول.
نموذج يُحتذى به؟
يرى خبراء القطاع المالي أن مشروع MUFG قد يتحوّل إلى نموذج ريادي لمؤسسات أخرى تتطلع إلى دخول عالم تمثيل الأصول رمقياً. وعلّق الدكتور جمال أودين، محلل التكنولوجيا المالية، على هذه النقلة قائلًا: “العقارات المُمثلة رقمياً تُخفف من عوائق الدخول، وتفتح آفاقًا جديدة للسيولة أمام المستثمرين الأفراد، لكن التحديات المرتبطة بالوضوح التنظيمي وتثقيف المستثمرين لا تزال قائمة وتشكل عائقًا حقيقيًا أمام التوسع”.
من جهتها، ستتولى منصة “بروغمات” مسؤولية هيكلة وتوزيع الرموز العقارية، مستفيدةً من خبرتها في إدارة عروض الأصول الرقمية عبر الحدود. ورغم عدم الإفصاح عن الأسواق الأجنبية المستهدفة، فإن هذه الخطوة تُشير بوضوح إلى اتجاه جديد تتبناه البنوك اليابانية التقليدية نحو الابتكار، في وقت يشهد فيه تمثيل الأصول الواقعية رقمياً (RWA) زخمًا متسارعًا.
استراتيجية رقمية شاملة
يأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية MUFG الأوسع للتحوّل الرقمي، والتي تشمل مشاريع أخرى في مجالات الهوية الرقمية، وتمويل التجارة باستخدام البلوكتشين. وقد رسّخت المجموعة مكانتها كجهة رائدة في سوق الأصول الرقمية في اليابان، وواصلت العمل عن كثب مع الهيئات التنظيمية لضمان الامتثال الصارم.
ورغم أنه لم يتم الإعلان بعد عن موعد الإطلاق الرسمي، شدد كبار المسؤولين في MUFG على أن الامتثال التنظيمي وحماية المستثمرين يشكلان أولويتين رئيسيتين. وصرح يوشيماسا فوكوزاكي، أحد كبار التنفيذيين في البنك، قائلًا: “يعكس هذا المشروع التزامنا العميق بالابتكار الرقمي، وإيماننا العميق بأن الأوراق المالية الرمزية ستُعيد تشكيل مستقبل أسواق الاستثمار”.
إعادة تعريف العقار
في حال نجاح المشروع، قد يُمهد الطريق أمام مؤسسات مالية أخرى لتبني البلوكتشين في فئات الأصول التقليدية، ويُعيد تعريف مفهوم الوصول إلى العقارات بالنسبة لجميع أنواع المستثمرين. فسواء كانوا كبارًا أو صغارًا، فإن هذا التحوّل نحو الممثلات الرقمية قد يُغيّر جذريًا من طبيعة الاستثمار العقاري، ويوفّر لهم فرصًا كانت حتى وقت قريب حكرًا على النخبة فقط.