سلطة دبي للخدمات المالية تُطلق المرحلة الثانية من بيئة اختبار الأصول الممثلة رقمياً

انتقلت سلطة دبي للخدمات المالية (DFSA) رسميًا إلى المرحلة الثانية من بيئة الاختبار التنظيمية للتمثيل الرقمي، حيث دعت شركات مختارة للانخراط في اختبارات مباشرة بموجب ترخيص اختبار الابتكار.ويُعدّ هذا الانتقال خطوة حاسمة في إطار التزام السلطة بدعم الابتكار المالي المسؤول داخل مركز دبي المالي العالمي (DIFC)، مع تركيز خاص على تمثيل الأصول المُمثّلة رقميًا.
وكانت سلطة دبي للخدمات المالية قد أطلقت بيئة الاختبار التنظيمية للمثيل الرقمي في مارس 2025، وفتحت باب التقديم أمام المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة الراغبة في استكشاف حالات الاستخدام المنظمة للأوراق المالية، والسندات، والصكوك، ووحدات الصناديق المُمثّلة رقميًا. وقد صُممت هذه البيئة لتكون مسارًا تجريبيًا لتقييم جدوى ممثلات الاستثمار الرقمية، بما يتماشى مع الاستراتيجية الشاملة للسلطة في قطاع التكنولوجيا المالية.
وقد لاقت المبادرة منذ بدايتها اهتمامًا عالميًا ملحوظًا؛ إذ استقبلت 96 رسالة إبداء اهتمام من شركات في الإمارات، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكندا، وسنغافورة، وهونغ كونغ. وأبرز هذا الإقبال الكبير المكانة المتنامية لمركز دبي المالي العالمي كمحور رئيسي للأصول الرقمية المُنظمة.
ومع دخول المرحلة الثانية، بدأت سلطة دبي للخدمات المالية بالتواصل مع الشركات المختارة لمساعدتها على إعداد خطط اختبار مخصصة. وسيُسمح لهذه الشركات بإجراء اختبارات داخل بيئة خاضعة للرقابة باستخدام بروتوكول اختبار الابتكار (ITL)، وهو أداة تنظيمية تتيح اختبار المنتجات والخدمات المالية الجديدة دون الالتزام الكامل بالإطار التنظيمي المعتمد لدى السلطة. ومن الجدير بالذكر أن هذا البروتوكول يشكّل منذ عام 2017 الأداة التنظيمية الأساسية لاختبار الابتكارات ضمن سلطة دبي للخدمات المالية.
وفي بيانها الأخير، أكدت السلطة أن “المثيل الرقمي يُعيد تشكيل البنية التحتية المالية”، مشيرة إلى أن المرحلة الحالية ستشهد دعوة شركات إضافية للتقدم بطلب للحصول على ترخيص اختبار الابتكار والدخول في اختبار مباشر تحت إشرافها المباشر.
وقد سلّط تقرير نشرته منصة “أنلوك بلوكتشين” الضوء على هذا التطور في مقال بعنوان: “سلطة دبي للخدمات المالية تُطوّر أجندة التمثيل الرقمي مع المرحلة التالية من بيئة الاختبار التنظيمي”، واعتبره خطوة انتقالية حيوية من مرحلة التقييم النظري إلى التنفيذ العملي، تعزز من مكانة دبي كمركز عالمي للابتكار المالي.
وتُتيح مرحلة الاختبار الحالية للشركات فرصة تحسين حلولها التقنية المتعلقة بالمثيل الرقمي، مع الالتزام بأربعة محاور رئيسية تضعها السلطة في طليعة أولوياتها: حماية المستثمرين، وشفافية السوق، والاستقرار المالي، وإدارة المخاطر التكنولوجية. وقد أوضحت سلطة دبي للخدمات المالية في توجيهاتها أن الشركات الحاصلة على ترخيص اختبار الابتكار مطالبة بتقديم نماذج أعمال واضحة، وأطر عمل متينة لإدارة المخاطر، بالإضافة إلى استراتيجية خروج منظّمة. ويُمنح هذا الترخيص عادة لفترة تتراوح بين 6 إلى 24 شهرًا، لتجريب المنتجات الجديدة قبل انتقالها إلى السوق الكامل وفق الالتزام التنظيمي الكامل.
ويمثل هذا التحول من بيئة اختبار تجريبية إلى بيئة اختبار مرخّصة خاضعة للإشراف ليس فقط دعمًا مباشرًا للابتكار، بل وسيلة عملية لتطوير السياسات التنظيمية. إذ من المتوقع أن تُسهم البيانات والتجارب التي ستُجمع خلال هذه المرحلة في تحسين أطر سلطة دبي للخدمات المالية ووضع قواعد مستقبلية أكثر مرونة وكفاءة.
وفي إطار هذا النهج المُدروس، تأتي بيئة الاختبار ضمن منظومة تشريعية أشمل تشمل تنظيم ممثلات الاستثمار الرقمية (2021)، والعملات الرقمية (2022)، والعملات المستقرة (2024). ومن خلال تركيزها على التمثيل الرقمي ضمن الأطر المُنظمة، ترسّخ سلطة دبي للخدمات المالية موقعها كلاعب محوري في المشهد التنظيمي الإماراتي، إلى جانب جهات تنظيمية أخرى مثل سوق أبوظبي العالمي وهيئة الأوراق المالية والسلع.
علاوة على ذلك، تتماشى هذه الخطوة مع أهداف أجندة دبي الاقتصادية D33، التي تسعى إلى إدراج مركز دبي المالي العالمي ضمن أفضل أربعة مراكز مالية في العالم بحلول عام 2033. وبهذا، لا تُسهم هذه المبادرة في تحفيز الابتكار المالي فحسب، بل تُشكّل أيضًا ركيزة لتطوير أطر تنظيمية يمكن اعتمادها على المستوى العالمي.
وفي ظل التسارع نحو “التمويل 3.0″، يُمثّل انتقال سلطة دبي للخدمات المالية من بيئة اختبار إلى بيئة مرخّصة نموذجًا يُحتذى به في مجال التنظيم والابتكار، يعكس مدى جدية الإمارات في قيادة مستقبل الأصول الرقمية على المستوى الدولي.