توجيهات تنظيمية جديدة من SEC لصناديق التداول الفورية

أصدرت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) توجيهات رسمية تُحدد كيفية إفصاح الجهات المُصدرة عن المعلومات المتعلقة بصناديق التداول الفورية (ETFs) القائمة على العملات الرقمية، وذلك في خطوة تُعد الأولى من نوعها لتوحيد المعايير التنظيمية الخاصة بهذه المنتجات الاستثمارية. وتُشكل هذه الخطوة تحولًا مهمًا نحو دمج الأصول الرقمية في النظام المالي التقليدي، بما يعزز ثقة المستثمرين ويُرسي قواعد أكثر شفافية لهذا النوع من الأدوات المالية.
وقد صدرت هذه التوجيهات في أوائل يوليو 2025، وتركز بشكل أساسي على تعزيز الشفافية في ملفات التسجيل المقدمة من مُصدري الصناديق. فهي تُحدد بوضوح المتطلبات المتعلقة بشرح المخاطر، وهيكل الأصول، وطرق الحفظ، وتكاليف الرسوم، مما يُساهم في تقديم صورة شاملة وأكثر وضوحًا للمستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
أوضح قسم تمويل الشركات في الهيئة هذه المتطلبات عبر نشرة من 12 صفحة، تُلزم المُصدرين بالإفصاح الكامل عن جوانب متعددة، من أبرزها توضيح المخاطر المرتبطة بالأصول الرقمية، والتي تشمل تقلبات الأسعار الحادة، والانقطاعات التقنية في الشبكة، والغموض التنظيمي، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بأمن المفاتيح الخاصة. وبموجب هذه التوجيهات، لم يعد مقبولًا استخدام مصطلحات تقنية غامضة يصعب على المستثمر العادي فهمها.
ومن الجوانب المهمة التي تناولتها التوجيهات أيضًا، توضيح آلية حفظ الأصول الرقمية. يتعيّن على المُصدرين الإفصاح عما إذا كان التخزين يتم عبر محافظ باردة أو ساخنة أو هجينة، وشرح كيفية إدارة المفاتيح الخاصة، ومن يمتلك صلاحيات الوصول إليها، فضلًا عن توضيح مدى توفر التأمين لحماية أموال المستثمرين.
إضافة إلى ذلك، بات الإفصاح الكامل عن الرسوم أمرًا إلزاميًا، بما يشمل الرسوم المدفوعة للجهات الراعية، وأمناء الحفظ، وصانعي السوق. كما يجب شرح كيفية إنشاء واسترداد وحدات الصندوق، وتحديد المشاركين المُصرّح لهم، وآليات احتساب الأداء.
تشترط الهيئة كذلك على الجهات المُصدرة تقديم وصف دقيق لطبيعة الأصل الرقمي الأساسي، بما في ذلك إجمالي العرض، وآلية إصدار الممثلات الرقمية، وطريقة التحقق (مثل إثبات العمل أو إثبات الحصة)، وتاريخ الانقسامات السابقة، إضافة إلى تحديد أي مخاطر محتملة تتعلق بالحَوْكَمة أو القرارات المجتمعية المؤثرة على الأصل.
أما بالنسبة لصناديق التداول الفورية المتعددة، فسيُطلب منها إعداد تقارير مالية منفصلة، إلى جانب بيان مالي موحد على مستوى الصندوق. ويهدف ذلك إلى تقريب هذه الصناديق من معايير إعداد التقارير المعتمدة في الأسواق المالية التقليدية، بما يعزز الثقة ويقلص التباين بين مختلف أنواع الصناديق.
تأتي هذه التوجيهات في ظل تنامي الإقبال العالمي على صناديق المؤشرات المتداولة الخاصة بالعملات الرقمية، حيث وافقت الهيئة بالفعل على عدد من الصناديق الفورية لكل من بيتكوين وإيثريوم، في حين تستمر طلبات الحصول على موافقة لصناديق أخرى مرتبطة بأصول مثل سولانا وريبل، وحتى العملات الساخرة أو القائمة على الميمات.
ويُنظر إلى هذه الخطوة التنظيمية على أنها جهد استباقي من الهيئة لضبط السوق المتنامي دون خنق الابتكار، بل على العكس، تهدف إلى تشجيع الاستثمار المسؤول وتعزيز الشفافية. ففي السابق، كانت موافقات صناديق المؤشرات المتداولة تستغرق نحو 240 يومًا، نتيجة جولات مراجعة متعددة. أما الآن، ومع تطبيق هذه المعايير الواضحة، فمن المتوقع أن يُختصر الزمن اللازم للموافقة إلى نحو 75 يومًا فقط.
وتأتي هذه القواعد في توقيت بالغ الأهمية، إذ اجتذبت صناديق المؤشرات المتداولة الخاصة بالعملات الرقمية تدفقات مالية تجاوزت 75 مليار دولار حتى يوليو 2025، مدفوعة بالموافقة على صندوق بيتكوين الفوري في وقت سابق من العام. وستمكّن التوجيهات الجديدة المستثمرين من اتخاذ قرارات أكثر وعيًا، كما ستمنح المُصدرين أساسًا قانونيًا وتنظيميًا واضحًا يُسهّل عملية الابتكار والتوسع في هذا المجال سريع التطور.