تراجع قطاع ألعاب الويب 3.0 رغم تمسّك المؤسسات بالاستثمار به
مع انخفاض أعداد المستخدمين وتباطؤ التمويل، يبدو أن قطاع ألعاب الويب 3.0، الذي كان يُروّج له سابقًا على أنه مستقبل الألعاب، يقترب من مفترق طرق حاسم.
فقد شهدت ألعاب البلوكتشين ربعًا ثانيًا صعبًا في عام 2025، حيث انخفض نشاط المستخدمين اليومي بنسبة 17%، وتوقف أكثر من 300 تطبيق ألعاب لامركزي عن العمل. ومما زاد الوضع تعقيدًا، تراجعت الاستثمارات في ألعاب العملات الرقمية إلى أدنى مستوياتها خلال عامين. ومع ذلك، ورغم هذا التراجع، لا تزال شركات الألعاب التقليدية الكبرى مثل “سيغا”، و”يوبيسوفت”، و”فيفا” تواصل اندفاعها نحو تقنيات الويب 3.0.
ويرى المحللون أن السوق، رغم التباطؤ، لا يزال يحمل إمكانات قوية على المدى الطويل. إذ تستعد بعض العلامات التجارية والمطورين بهدوء لانطلاقتها الكبرى المقبلة.
وبحسب البيانات التي جمعتها “سارة غيرغيلاس”، محللة البلوكتشين في DappRadar، فإن الربع الأول من عام 2025 كشف مدى هشاشة العديد من ألعاب الويب 3 المبكرة. فقد توقفت عشرات الألعاب عن العمل، وتواصل التمويل الانخفاض، فيما شهد نشاط المستخدمين تراجعًا عامًا. ومن ألعاب الـMMORPG المُبالغ في الترويج لها، إلى الألعاب التي تعتمد على نموذج “اللعب لكسب المال”، لم تتمكن العديد من المشاريع من الصمود في ظل ظروف السوق القاسية، بسبب ضعف دعم المستثمرين، أو ضعف القدرة على الاحتفاظ باللاعبين، أو حتى هشاشة الاقتصاد الرمزي الخاص بها.
وفي موازاة ذلك، تسببت ظروف سوق العملات الرقمية بشكل عام في مزيد من الضغوط. فقد أظهرت بيانات من Delphi Digital أن معظم القطاعات المرتبطة بالكريبتو سجلت أداءً أسوأ من بيتكوين. على سبيل المثال، فقدت مشاريع الذكاء الاصطناعي أكثر من 84% من قيمتها، بينما تراجعت العملات القائمة على الوكلاء بنسبة 70%، وانخفضت الميم كوينز بنسبة 51%. حتى مشاريع البنية التحتية للألعاب لم تسلم، إذ شهدت خسائر تجاوزت 50%. في المقابل، انخفضت قيمة بيتكوين بنسبة لا تتجاوز 5%، بينما تراجعت كل من إيثيريوم وسولانا بنحو 25%.
وكان هذا التراجع مفاجئًا، خصوصًا بعد أن أظهر استطلاع أجرته “بينانس” نهاية العام الماضي أن ما يقارب نصف المستخدمين توقعوا تصدّر رموز الذكاء الاصطناعي والميم كوينز للسوق في 2025. لكن الواقع لم يواكب هذا التفاؤل. فقد شهدت العديد من هذه القطاعات وفرة مفرطة أو ضجة إعلامية لم تنعكس على الاستخدام الفعلي، وهو ما حدث أيضًا في بعض نماذج “اللعب للربح” المبكرة التي لم تتمكن من تحقيق استدامة حقيقية.
ورغم هذه المؤشرات السلبية، إلا أن الزخم يبدو مستمرًا في الكواليس. ففي فبراير الماضي، صرّح “روبي فيرغسون”، المؤسس المشارك لشركة Immutable، أن العديد من شركات الألعاب التي تتجاوز قيمتها المليار دولار أصبحت أكثر انفتاحًا على فكرة إطلاق رموزها الخاصة، مؤكدًا أن بعض هذه الشركات مُدرجة علنًا ولم تكن لتفكر في هذا الأمر قبل عام فقط.
ويعتقد فيرغسون أن عام 2025 يُجسد سنوات من التطوير المكثف ضمن فترة زمنية قصيرة، مما قد يفضي إلى ظهور ألعاب بلوكتشين بجودة أعلى واقتصادات رمزية أكثر فائدة للاعبين.
وبينما شهد الربع الثاني انخفاضًا في المستخدمين اليوميين إلى 4.8 مليون، وهو أدنى مستوى منذ أوائل 2023، فإن بعض المشاريع والسلاسل حافظت على قوتها. فقد أظهرت بيانات DappRadar أن شبكة بلوكتشين opBNB تصدرت من حيث المحافظ النشطة، بينما تصدرت WAX من حيث عدد المعاملات، مما يعكس تفاعلًا قويًا من اللاعبين على تلك المنصات. كما شهدت شبكات مثل Aptos وSei وSKALE نموًا ملحوظًا في حركة الألعاب.
وبرزت لعبة Off the Grid على شبكة GUNZ الفرعية التابعة لـAvalanche، حيث بدأت باكتساب زخم رغم أنها لا تزال في مرحلة الاختبار، وقد بدأ بعض المستخدمين بالفعل باستخدام الشبكة الرئيسية.
ومع ذلك، لم تنجُ جميع المشاريع. إذ تُظهر بيانات DappRadar أن أكثر من 300 لعبة مُدرجة كألعاب نشطة في الربع الأول لم تُسجّل أي نشاط في الربع الثاني. قد يعود ذلك إلى توقفها تمامًا، أو انتقالها إلى شبكات أخرى، أو تعليق التحديثات، أو ببساطة عدم قدرتها على مواكبة تحديثات العقود الذكية. وهو ما يسلط الضوء على مدى سرعة التغيّرات في هذه الصناعة الناشئة.
ومن بين أبرز الألعاب التي توقفت: Ember Sword التي فشلت في جمع تمويل إضافي رغم الضجة السابقة، وNyan Heroes التي انهارت بعد فقدان رمزها لقيمته، وRealms of Alurya التي توقفت مؤقتًا بعد سحب منحة رئيسية، وMojo Melee التي غيّر فريقها مساره نحو بناء أدوات للذكاء الاصطناعي بدلًا من الألعاب، وThe Walking Dead: Empires، التي ستبقى متاحة حتى نهاية يوليو فقط.
أما في عالم الميتافرس، فقد جاءت النتائج متباينة. إذ انخفض حجم تداول NFT الخاصة بالميتافرس بنسبة 26%، لكن عدد المبيعات ارتفع بنسبة 54%، ما يشير إلى نشاط أكبر بأسعار أقل. وواصلت شركات مثل Yuga Labs فتح الوصول لعالمها الافتراضي (Otherside)، بينما أطلقت Animoca منصة Mocaverse كشبكة طبقة أولى تركّز على الهوية وملكية البيانات. في حين خفّضت Pixels وتيرة توسعها لتركيز جهودها على تحسين تجربة اللعب، مع خطط لإطلاق نسخة للهاتف المحمول لاحقًا هذا العام. وبدورها، قدمت Sandbox موسمًا ضخمًا من 40 تجربة، وتعاونت مع Cirque du Soleil لتطوير لعبة تفاعلية من عالم الميتافيرس.
