أمر تنفيذي محتمل من ترامب لإنهاء إقصاء شركات الكريبتو من النظام المصرفي

أفادت تقارير صحفية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس إصدار أمر تنفيذي يمنع البنوك من رفض تقديم الخدمات للقطاعات “غير المرغوب فيها سياسيًا”، وعلى رأسها شركات العملات الرقمية. ويُعدّ هذا التوجه تحولًا سياسيًا كبيرًا في إطار النظام المالي الأميركي.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن مجلس السياسة الداخلية في إدارة ترامب، بقيادة فينس هالي، يعمل على صياغة هذا الأمر التنفيذي ردًا على مزاعم متزايدة بإلغاء التعاملات المصرفية عن قطاعات محددة. وتشمل هذه القطاعات شركات العملات الرقمية، والطاقة، وتصنيع الأسلحة. وتُعتبر هذه المبادرة ردًّا مباشرًا على ما وصفه النقاد بـ”عملية نقطة الاختناق 2.0″، وهي محاولة مزعومة لعزل شركات العملات الرقمية عن النظام المصرفي الأميركي.
وقد ازدادت أهمية هذه القضية بعد ورود تقارير تفيد بحرمان ما لا يقل عن 30 من مؤسسي شركات التكنولوجيا والعملات الرقمية من الوصول إلى الخدمات المصرفية خلال فترة إدارة بايدن. كما أن الانهيارات المفاجئة لعدد من البنوك الداعمة للعملات الرقمية، مثل “سيلفرغيت” و”سيغنيتشر” و”سيليكون فالي” في أوائل عام 2023، عمّقت المخاوف بشأن استهداف هذا القطاع ماليًا.
وفي هذا السياق، صرّحت كايتلين لونغ، الرئيسة التنفيذية لبنك “كاستوديا”، بأن الضغط على البنوك كلّف الشركات ملايين الدولارات، وقد يستمر هذا الوضع حتى عام 2026. وحذّرت بقولها: “لن يتمكن ترامب من تعيين محافظ جديد للاحتياطي الفيدرالي قبل يناير”. وأضافت: “حتى إذا تراجعت كل من مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) ومكتب مراقبة العملة (OCC) عن سياساتهما المناهضة للعملات الرقمية، فإن استمرار تحفظات الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي الأمور في مأزق”.
وقد تناول ترامب هذه المسألة خلال قمة العملات الرقمية التي عُقدت في البيت الأبيض في مارس، قائلاً بوضوح: “نحن بصدد إنهاء عملية نقطة الاختناق 2.0”.
تصاعد الضغوط وتغيّر السياسات
في سياق متصل، اجتمع مؤخرًا مسؤولون تنفيذيون من بنوك أميركية كبرى، مثل جي بي مورغان تشيس، وويلز فارجو، وسيتي بنك، مع مسؤولين حكوميين في ولايتي تكساس وأوكلاهوما. وقد ناقش الطرفان اتهامات وُجهت إلى هذه البنوك بشأن حرمان قطاعات محددة من الخدمات المصرفية بناءً على دوافع سياسية بدلاً من معايير اقتصادية.
وفي خطوة لافتة، ألغى الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع رسميًا استخدام “مخاطر السمعة” كمبرر لتقييم البنوك، وهو ما كان يُثني المؤسسات المالية عن التعامل مع قطاعات مثيرة للجدل، مثل العملات الرقمية. كما حدث كل من OCC وFDIC إرشاداتهما التنظيمية بما يعكس هذا التوجه الجديد.
وقد أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خلال شهادته أمام الكونغرس، أن للبنوك الحرية في التعامل مع شركات العملات الرقمية، حيث صرّح: “لدى البنوك مطلق الحرية في تقديم خدماتها لقطاع العملات الرقمية. تحديد العملاء مسؤولية كل بنك، وليس قرارنا نحن”.
انعكاسات سياسية وتنظيمية أوسع
يأتي هذا التراجع التنظيمي ضمن إعادة تموضع أوسع في عهد ترامب، الذي يقدّم نفسه كرئيس مؤيد للعملات الرقمية. ويُنظر إلى دعم إدارته لتشريعات مثل قانون GENIUS، الذي أقره مجلس الشيوخ بهدف وضع إطار فيدرالي واضح للعملات المستقرة، كجزء من هذا التوجه المؤيد للأصول الرقمية.
نقطة تحول في الخدمات المصرفية للعملات الرقمية؟
في حال إصداره، قد يُرسّخ الأمر التنفيذي المرتقب تحولًا منسقًا على المستويين التشريعي والتنظيمي لصالح شركات العملات الرقمية. كما يمكن أن يُجبر البنوك على تقديم خدماتها لهذا القطاع، مُزيلاً بذلك العقبات التي واجهتها الشركات الناشئة في مجال البلوكتشين داخل الولايات المتحدة.
ويبدو أن بعض المؤسسات المالية التقليدية بدأت تستعد لهذا المستقبل. فعلى سبيل المثال، يعمل بنك أوف أمريكا على تطوير عملته المستقرة الخاصة، بينما يخطط جي بي مورغان لاختبار ممثل JPMD الرقمي عبر شبكة Base، ما يشير إلى احتمال حدوث تكامل أكبر بين وول ستريت والعملات الرقمية.
رغم المؤشرات الإيجابية، لا يزال قادة القطاع متحفظين. فبحسب لونغ، من السابق لأوانه الجزم بانتهاء سياسة إقصاء شركات العملات الرقمية من النظام المصرفي. وسيكون الاختبار الحقيقي التالي في كيفية استجابة الجهات التنظيمية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي، للإصلاحات المحتملة التي يقودها ترامب.
وإذا تم إقرار الأمر التنفيذي، فقد يُعيد تشكيل المشهد المالي الأميركي بالكامل، سواء من خلال فتح آفاق جديدة لشركات العملات الرقمية الباحثة عن الاعتراف الرسمي، أو من خلال فرض واقع سياسي وتنظيمي جديد على البنوك والمؤسسات المالية التقليدية.