في خطوة جديدة تهدف إلى إدخال إمبراطوريته في مجال البلوكتشين إلى الأسواق العامة الأميركية، أبرم قطب العملات الرقمية “جاستن صن” صفقة اندماج عكسي بين شبكة ترون (Tron) التابعة له وشركة SRM Entertainment، وهي شركة ألعاب مغمورة مدرجة في بورصة ناسداك.
وقد أعلنت SRM Entertainment يوم الإثنين عن خططها لتغيير علامتها التجارية إلى “Tron Inc.”، ورحّبت بـ “صن” كمستشار استراتيجي. كما كشفت الشركة عن استثمار أسهم بقيمة 100 مليون دولار مخصص لشراء عملة TRX، وهي العملة الرقمية الأصلية لشبكة ترون. وإذا ما تم استخدام جميع سندات الضمان المرتبطة، فقد تصل قيمة الاستثمار إلى 210 ملايين دولار أميركي.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة SRM، ومقرها وينتر بارك في ولاية فلوريدا، كانت تركز سابقًا على تصنيع وتوزيع الألعاب والهدايا التذكارية ذات الطابع الخاص، بدءًا من زجاجات مياه تحمل شعارات كرتونية مثل السنافر، وصولًا إلى حيوانات محشوة مصممة حسب الطلب. ومع ذلك، فإنها اليوم تتجه نحو التحوّل الجذري إلى مجال البلوكتشين، من خلال تبنّي ما يُعرف بـ “استراتيجية خزينة ترون”، التي تهدف إلى تخصيص رأس مال كبير لأصول العملات الرقمية، في توجه يعكس نمطًا متصاعدًا بين الشركات المدرجة في الأسواق المالية.
ويأتي هذا الاندماج في وقت يشهد تجددًا في الاهتمام المؤسسي بالأصول الرقمية، بالتوازي مع تعقيدات سياسية وتنظيمية تحيط بجاستن صن. وكان صن قد أثار الجدل الشهر الماضي بعد مشاركته في حفل عشاء خاص لمجموعة من كبار حاملي عملة ميمكوين تحمل العلامة التجارية لترامب، حيث أفادت تقارير أنه اشترى تلك العملة بما يزيد عن 20 مليون دولار أميركي لضمان مقعده على الطاولة، ما فتح الباب أمام انتقادات بشأن ديناميكيات الدفع مقابل النفوذ في السياسة الأميركية.
على الصعيد المالي، شهدت أسهم SRM قفزة بأكثر من 300% فور الإعلان عن الصفقة، إذ تجاوزت 9 دولارات خلال تداولات اليوم، قبل أن تستقر عند 6.70 دولار، مقارنة بسعر إغلاق الجمعة البالغ 1.45 دولار، ما يُعد ارتفاعًا هائلًا يؤكد قوة الزخم المرتبط بشبكة ترون.
من الناحية الاستراتيجية، تتيح صفقة الاندماج العكسي لشركة ترون الدخول إلى الأسواق العامة دون المرور بمسار الطرح العام التقليدي، والذي غالبًا ما يُواجه تحديات تنظيمية معقدة في عالم العملات الرقمية. ورغم أن SRM لم تعلن رسميًا عن هوية المستثمر الذي ضخ 100 مليون دولار، إلا أن صحيفة فاينانشيال تايمز أفادت أن هذه الأموال تأتي من شبكة ترون نفسها.
وقد تم ترتيب هذه الصفقة من قبل شركة دوميناري للأوراق المالية، وهو بنك استثماري يقع مقره في برج ترامب. ويُذكر أن دوميناري لفت الأنظار في فبراير الماضي بعد تعيين دونالد ترامب الابن وإريك ترامب في مجلس إدارة شركته الأم، دوميناري القابضة، مما عزّز الروابط السياسية المتزايدة بين صن وعائلة ترامب.
أما تفاصيل الصفقة فتتضمن إصدار 100,000 سهم من الأسهم الممتازة من الفئة B، قابلة للتحويل إلى 200 مليون سهم عادي بسعر 0.50 دولار للسهم الواحد. كما ستصدر SRM ضمانات لـ 220 مليون سهم إضافي بالسعر ذاته، ما يمهد الطريق لما يُمكن اعتباره واحدة من أكبر تحولات سوق الأسهم المرتبطة بالعملات الرقمية في الآونة الأخيرة.
وفي هذا السياق، أعرب ريتش ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة SRM، عن تفاؤله بالتحول الاستراتيجي، قائلاً: “مع تزايد الاعتماد العالمي على تقنية البلوك تشين، برزت ترون كرائدة في مجال التسوية عبر الحدود باستخدام العملات المستقرة بالدولار الأميركي. هذا الاستثمار يمنحنا فرصة لبناء قيمة طويلة الأجل من خلال الابتكار الرقمي”.
من جانب آخر، تُعزز هذه الصفقة أيضًا علاقة جاستن صن بالمشاريع المرتبطة بدونالد ترامب. ففي وقت سابق من هذا العام، رفع صن قيمة استثماراته في شركة World Liberty Financial، وهي شركة ناشئة مدعومة من ترامب، إلى 75 مليون دولار، كما أصبحت بورصة HTX التابعة له أول من يُدرج العملة المستقرة الجديدة USD1 المرتبطة بالدولار الأميركي، والتي تُعد الآن جزءًا من النظام المالي المتنامي لشبكة ترون.
إلا أن هذه الروابط السياسية المتشابكة أثارت موجة من التساؤلات حول تضارب المصالح، إذ يرى بعض النقاد أن استثمارات صن في مشاريع مرتبطة بعائلة ترامب قد تؤثر على الشفافية، خاصة في ظل احتمالية استفادة ترامب شخصيًا من الكيانات المعنية. وعلى الرغم من تصريحات ترامب بأنه وضع ممتلكاته التجارية في صندوق استئماني يُديره أبناؤه، إلا أن الخبراء في الأخلاقيات العامة لا يزالون متشككين بشأن فعالية هذا الإجراء.
يُذكر أن جاستن صن، المولود في الصين، لا يزال تحت المجهر القانوني في الولايات المتحدة. ففي عام 2023، رفعت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية دعوى مدنية تتهمه بالتلاعب بالسوق فيما يتعلق بعملة TRX. ومع ذلك، تم تعليق هذه الدعوى في وقت سابق من هذا العام، في ما يبدو أنه جزء من تحوّل أوسع في سياسات تنظيم قطاع العملات الرقمية في عهد الإدارة الأميركية الحالية.
