ارتفعت قيمة بيتكوين بنسبة تقارب 3.8% خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، متجاوزةً لفترة وجيزة مستوى 110,000 دولار أميركي، قبل أن تستقر عند حوالي 109,600 دولار بحلول صباح الثلاثاء بالتوقيت الآسيوي.
ويُعد هذا الارتفاع أقوى أداء للعملة الرقمية خلال شهر يونيو حتى الآن، حيث يعكس تعافيًا ملحوظًا من الانخفاض الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، والذي فقدت خلاله ما يقارب 100,000 دولار من قيمتها. والجدير بالذكر أن السعر الحالي يقل بنسبة 3% فقط عن أعلى مستوى تاريخي وصلت إليه بيتكوين. ويُعزى هذا الارتفاع الأخير إلى مزيج من نشاط التداول المتزايد، والإشارات الإيجابية على الشبكة، إلى جانب تطورات الاقتصاد الكلي.
في هذا السياق، أظهرت بيانات منصة Coinglass أنه تم تصفية ما يقرب من 203 ملايين دولار من المراكز في سوق بيتكوين خلال اليوم الماضي، كان من بينها صفقات بيع على المكشوف بقيمة 195 مليون دولار، مما يُبرز قوة الزخم الصعودي في السوق.
علاوة على ذلك، تضاعف حجم تداول المشتقات بأكثر من الضعف، مرتفعًا بنسبة 113% ليصل إلى 110.63 مليار دولار، كما نمت المراكز المفتوحة بنسبة 7.3% لتبلغ 76.6 مليار دولار، مما يشير إلى دخول رؤوس أموال جديدة إلى السوق وإعادة المتداولين لتموضعهم.
ومن بين العوامل الخارجية التي ربما أسهمت في هذا الارتفاع، تخفيف حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين. فقد استؤنفت المفاوضات التجارية في لندن في 9 يونيو، وسط آمال بالتوصل إلى اتفاق يُخفّض الرسوم الجمركية ويُخفّف قيود التصدير. وقد أدى ذلك إلى تحسن معنويات السوق، وزيادة الطلب على الأصول عالية المخاطر مثل بيتكوين.
غير أن القصة الأعمق قد لا تكمن في العناوين السياسية، بل في ما يحدث داخل سلاسل التوريد الخاصة بالعملات الرقمية. فقد أشار حساب BaykusCharts، المساهم في منصة CryptoQuant، في منشور بتاريخ 10 يونيو، إلى أن احتياطيات بيتكوين في البورصات المركزية انخفضت من 1.55 مليون في يوليو 2024 إلى 1.01 مليون بيتكوين فقط حاليًا. ويعني ذلك تراجعًا بمقدار 550,000 عملة خلال أقل من عام.
هذا الانسحاب المستمر من البورصات يُعد مؤشرًا على سلوك الاحتفاظ طويل الأجل. فكلما قل المعروض من بيتكوين في الأسواق، ومع بقاء الطلب أو ارتفاعه، يزداد احتمال صعود الأسعار. ويتماشى هذا الاتجاه مع التحول في نظرة المستثمرين إلى بيتكوين، من أصل مضاربي إلى ما يشبه الذهب الرقمي.
وفي هذا الإطار، تشير بيانات إضافية إلى تزايد طلب المستثمرين الأمريكيين، حيث يُظهر مؤشر “Coinbase Premium” من CryptoQuant أن المستثمرين في الولايات المتحدة يدفعون أسعارًا أعلى لشراء بيتكوين، وهو ما يُعد إشارة متكررة خلال مراحل التراكم.
كما يشهد نشاط الحيتان (المستثمرين الكبار) نموًا ملحوظًا، بحسب منصة Santiment، حيث تُظهر البيانات تجدد عمليات التراكم في المحافظ الكبيرة، خصوصًا بين من يمتلكون ما بين 10 و100 بيتكوين.
ورغم هذا التفاؤل، لا تزال هناك بعض التحفظات في السوق. إذ تبقى بيتكوين مرتبطة إلى حد كبير بأداء سوق الأسهم، ما قد يحد من مكاسبها قصيرة الأجل إذا عادت الضغوط الاقتصادية العالمية. كما يشير بعض المتداولين إلى بيانات العقود الآجلة كدليل على حالة التردد السائدة، إذ لم يُحسم بعد ما إذا كان السوق على وشك اختراق حقيقي أم لا.
وقد يكون النشاط الكبير في حجم التداول الأخير مدفوعًا جزئيًا بالمضاربة قصيرة الأجل أو استراتيجيات التحوط، بدلًا من ثقة استثمارية طويلة الأجل. فبالرغم من أن التصفية المكثفة لصفقات البيع على المكشوف ترجح كفة الشراء، إلا أن هذا النوع من التقلب غالبًا ما يعكس حالة من الحذر وعدم اليقين. وفي ظل هذه الأجواء، قد يكون لأي صدمة اقتصادية أو انعكاس طفيف أثر كبير على استقرار السوق.
مع ذلك، فإن المزاج العام يميل نحو التفاؤل. ويتوقع العديد من المحللين أن تستمر أسعار بيتكوين في الارتفاع، مع ترجيحات بوصولها إلى مستويات قياسية جديدة خلال الأيام المقبلة. بل إن البعض لا يستبعد أن تصل إلى 150 ألف دولار قبل نهاية عام 2025، خاصة إذا استمرت مستويات الدين الأميركي في التصاعد، مما يعزز جاذبية بيتكوين كملاذ استثماري بديل.
