السعودية تتصدر المشهد الرقمي في المنطقة بقيمة 131 مليار دولار

رسّخت المملكة العربية السعودية مكانتها رسميًا كأكبر اقتصاد رقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث بلغت قيمة سوقها الرقمي أكثر من 495 مليار ريال سعودي (131.9 مليار دولار أميركي) بحلول عام 2024.
وقد أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات عن هذا الإنجاز، الذي يمثل 15% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، تزامنًا مع اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات.
يمثل هذا التطور نقطة تحول بارزة في مسيرة التحول الرقمي للمملكة، حيث يسلّط الضوء على دورها المتنامي في التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية للبيانات، وخدمات الحكومة الإلكترونية.
ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية، سجّل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة نموًا غير مسبوق هذا العام، متجاوزًا 180 مليار ريال سعودي. وقد دُعِم هذا التوسع باستثمارات قوية من القطاع الخاص، بالإضافة إلى دفعة وطنية استراتيجية نحو الابتكار.
الاستثمار في المستقبل: الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات
يُعزى هذا النمو بشكل رئيسي إلى استثمارات المملكة الطموحة في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، والتي تجاوزت 55 مليار ريال سعودي بحلول عام 2024. وقد أدت هذه الاستثمارات إلى زيادة سعة مراكز البيانات الوطنية بنسبة 42%، لتصل إلى 290.5 ميجاوات.
ومن أبرز الدوافع وراء هذا الزخم شركة Humain، وهي شركة ذكاء اصطناعي مدعومة حكوميًا ومكلّفة ببناء نماذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية وتطوير بنية تحتية واسعة النطاق. تهدف الشركة إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي لأبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وفي شراكة رفيعة المستوى، تعاونت Humain مع شركة التكنولوجيا العملاقة Nvidia لتقديم 18,000 شريحة ذكاء اصطناعي عالية الأداء، مما يعزز قدرة المملكة على تشغيل الجيل القادم من الحوسبة.
البنية التحتية والاتصال
شهدت البنية التحتية الرقمية في المملكة العربية السعودية تطورات كبيرة أيضًا. فقد وصلت شبكات الألياف البصرية أو “فايبر أوبيتيك” إلى ما يقرب من 4 ملايين منزل، بينما ارتفع معدل انتشار الإنترنت إلى 99%، مما يضع المملكة بين أكثر الدول اتصالًا رقميًا في العالم.
ويُرسي هذا الاتصال المتقدم الأساس لتطبيقات ذكية، وحوسبة سحابية، وخدمات رقمية متطورة، وهي جميعها مكونات أساسية في أجندة التنويع الاقتصادي لرؤية 2030.
بناء رأس المال البشري
تتصدر المملكة المنطقة في مجال تنمية المواهب الرقمية. فمع وجود أكثر من 381,000 وظيفة تقنية متخصصة، تفخر المملكة بامتلاكها أكبر قوة عاملة رقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما شهدت مشاركة المرأة في قطاع التكنولوجيا ارتفاعًا ملحوظًا، إذ ارتفعت من 7% فقط في عام 2018 إلى 35% في عام 2024، متجاوزة بذلك المتوسطات في كل من مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي.
رائدة في الحوكمة الرقمية
أدى التقدم الرقمي السريع في المملكة إلى اعتراف دولي لافت. إذ تحتل السعودية المرتبة الرابعة عالميًا في مؤشر الخدمات عبر الإنترنت للأمم المتحدة، والسادسة في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية، والثانية بين دول مجموعة العشرين. كما أنها تُعد من الدول الرائدة عالميًا في المهارات الرقمية والحكومة الرقمية المفتوحة، حيث تحتل المرتبة السابعة في مؤشر المشاركة الإلكترونية.
وتُبرز هذه التصنيفات التزام المملكة بالتميز الرقمي، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل في الحوكمة، والوصول، والابتكار أيضًا.
نحو ريادة رقمية عالمية
مع مضي المملكة قدمًا في تحقيق أهداف رؤية 2030، يُرسّخ اقتصادها الرقمي المتنامي مكانتها كمنافس قوي على الساحة التكنولوجية العالمية.
ومن خلال استثمارات استراتيجية، وشراكات دولية، وتركيز متواصل على تنمية رأس المال البشري، لا تُعيد المملكة فقط تشكيل اقتصادها، بل تُعيد رسم المشهد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتؤسس لمكانة ريادية على مستوى العالم.